ثم إنك قد عرفت أن استفادة العموم من بعض العمومات ليست بالوضع، بل من جهة الالتزام أو ظهور الإطلاق، فعدم اقتضاء التخصيص هناك تجوزا في اللفظ أظهر حسب ما مر بيانه.
وأما المخصصات المنفصلة فقد عرفت جريان الوجهين فيها، فيمكن أن يكون التخصيص الوارد هناك على غير وجه التجوز بدلالة المخصص على إطلاق ما ورد العموم عليه حين استعماله على خصوص المقيد، ويكون المخصص ولو كان منفصلا قرينة دالة على ذلك، فيكون العموم واردا على المقيد، وأن يكون قرينة دالة على عدم إرادة العموم من اللفظ الموضوع له إلا أنه إنما يتم المجازية فيما إذا كان العام موضوعا للعموم، وأما مع استفادة العموم من جهة أخرى فلا مجاز أيضا، حسب ما مرت الإشارة إليه، هذا وقد ظهر بما قررناه دفع ما يورد في المقام من لزوم التناقض في الاستثناء نظرا إلى ما يترائى من إثبات الحكم تارة للمستثنى ونفيه عنه أخرى.
ولهم في التفصي عنه وجوه:
أحدها: أن المراد بالمستثنى منه هو معناه الحقيقي وقد اخرج عنه المستثنى ثم أسند الحكم إلى الباقي من غير أن يكون هناك إسنادان ليحصل التناقض في المقام.
وقد عزي ذلك إلى جماعة منهم العلامة واختاره المحقق الرضي وحكاه عن جماعة.
ثانيها: أن المراد بالمستثنى منه خصوص الباقي على سبيل المجاز والاستثناء قرينة على التجوز، فليس المستثنى داخلا في المستثنى منه ليلزم التناقض بالحكم عليه تارة بالإثبات وأخرى بالنفي.
وعزي ذلك إلى الأكثر تارة وإلى الجمهور أخرى، وأسنده المحقق الرضي إلى البعض وحكاه بعضهم عن السكاكي.
ثالثها: أن مجموع المستثنى منه والمستثنى والأداة اسم للباقي، فعشرة