ثانيها: أن يكون المقصود اخراج المستثنى عن المستثنى منه من حيث تركيبه ومن جهة تعلق الحكم به فإنه لما أريد من اللفظ تمام معناه كان قضية ذلك لولا الاستثناء إسناد الحكم إلى تمامه فيكون ورود الاستثناء عليه مخرجا للمستثنى عن المراد من حيث تعلق الحكم به نظرا إلى ما يقتضيه الظاهر، وحينئذ فيكون الإخراج بالنسبة إلى ظاهر اللفظ من حيث كونه مرادا من غير أن يكون ذلك الظاهر مرادا، فيكون ذلك هو الكاشف عن عدم إرادته من حيث التركيب والدليل على تعلق الإسناد بالباقي دون الجميع، وكأن هذا هو المراد مما عده بعض الفضلاء جوابا رابعا في المقام: من أن المستثنى منه من حيث الأفراد واللفظ خارج عنه من حيث التركيب والحكم، إذ الاستثناء بيان تغيير، وكل كلام التحق بآخره التغيير توقف حكم صدره على آخره، فلا تناقض، ويمكن تنزيله على الوجه الآتي أيضا.
ويرد على الوجه المذكور: أنه لا مجال للقول بتأخر الإسناد إلى مجئ ورود الاستثناء، وذلك لوضوح إهمال القائل فيه قبل ورود الكاشف عن حصول الإسناد سيما إذا كان هناك فصل بينه وبين الاستثناء.
ثالثها: أن يقال بحصول الإسناد الصوري إلى الكل والحكم عليه كذلك من جهة إحضار ذلك في ذهن السامع ليتبعه باخراج البعض، فيتبين بذلك ما هو المقصود بالإفادة من تلك العبارة، فكما أنه يريد من المستثنى منه ما وضع له، فكذا يريد الإسناد إليه كذلك على حسب الصناعة وقانون العربية، إذ لا وجه للإسناد إلى بعض مدلول اللفظ الا مع استعمال اللفظ فيه، ويكون ذلك حينئذ جميع مدلوله لاندراج المجاز في المطابقة، إلا أنه ليس الإسناد المذكور مقصودا بالإفادة وإنما اتي به للتوصل إلى غيره، والإسناد المقصود في المقام إنما هو الإسناد إلى البعض، وقد جعل الإسناد إلى الكل صورة وإخراج المستثنى دالا عليه.
وقد عرفت فيما مر أن المناط في الاستعمال إنما هو المعنى المقصود بالإفادة