كما إذا قال " أكرم هذه العشرة " مشيرا إلى رجل واحد، أو قال " لزيد هذه الدراهم العشرون " مشيرا إلى عشرة دراهم، إلى غير ذلك من الأمثلة. فعدم جواز الاستعمال المذكور مطردا في غير الاستثناء، وجوازه فيه على سبيل الاطراد شاهد على عدم استعماله هناك في العدد الأقل، إذ لو جاز الاستعمال فيه من جهة العلاقة المذكورة لجاز في المقامين، لاتحاد المعنى والعلاقة في الصورتين، غاية الأمر أن يكون التفاوت بينهما من جهة القرينة. ومن البين أنه لا يختلف الحال في المجازات من جهة اختلاف القرائن.
وأما سائر المخصصات المتصلة من الشرط والصفة والغاية ونحوها فلأن الظاهر تقييد ما يرد العموم عليه بها، فقد قيد بذلك على حسب سائر المطلقات المقيدة، ويكون العموم واردا عليه على حسب ما أريد منه وأطلق عليه بعد ضم القيد، فيكون العموم واردا على المقيد، لأن التقييد حصل بعد إرادة العموم، بل نقول: إن التقييد المذكور كاشف في بعضها من إطلاق المطلق على خصوص المقيد من حيث انطباقه معه حسب ما بيناه، وحينئذ فيكون العموم واردا عليه كذلك.
نعم لو كان العموم مرادا من أول الأمر ثم تنبه المتكلم على خلافه فتداركه بالتوصيف أو غيره من التقييدات لم يتجه في ذلك. إلا أنه يكون ذلك حينئذ قصرا للحكم الأول على محل الوصف وإخراجا لغيره عما حكم به، فيكون كل من تلك الألفاظ مستعملا فيما وضع له، ويكون الباقي هو المتلخص من المجموع على نحو ما ذكر في الاستثناء، ولا تجوز فيه حسب ما عرفت.
وقد يقال بكون التقييد حينئذ رفعا للإرادة الأولى من اللفظ ونسخا لما أريد به من الطبيعة المطلقة بتقييده بالوصف المذكور وإطلاق ذلك المطلق على المقيد، حسب ما ذكرنا في المتفطن، ولا مانع منه مع بقاء محله، ولا تجوز فيه أيضا كما عرفت، ويجري ما ذكرناه في أسماء الشرط ونحوها، نظرا إلى ورود التقييد هناك على حمل الشرط أو الصفة، فيكون عمومه أيضا على حسب ذلك على نحو ما قررناه.