وشموله لمصاديقه حيث لم يرد به معناه بعد ظهور التخصيص، وحينئذ فإن كان الدال على العموم موضوعا بإزائه كان ذلك مجازا، حيث أريد به غير ما وضع له من الشمول، وكذا لو كان دالا على عموم النفي، فإنه إنما يجئ التجوز فيه من تلك الجهة، وأما إن لم يكن إفادته العموم بالوضع بل بالالتزام أو ظهور الإطلاق فلا تجوز، كما في النكرة الواقعة في سياق النفي.
فإن قلت: إن العموم إذا كان معنى التزاميا له كان عدم ثبوت العموم شاهدا على انتفاء ملزومه، فيلزم التجوز فيه من تلك الجهة.
قلت: لا وجه لالتزام التجوز من تلك الجهة إذ أقصى الأمر أنه أن يكون النكرة الواقعة هناك قد أطلق على قسم خاص ليكون النفي واردا عليه، من غير أن يراد بها مطلق الفرد المنتشر ليستلزم انتفاؤه انتفاء الجميع، وذلك أيضا مما لا تجوز فيه كما عرفت.
وأما الجمع المعرف إذا ورد التخصيص عليه فلا يخلو إما أن يكون ذلك مع إطلاقه على جميع الأفراد وإخراج المخرج عن الحكم فليس ذلك إذن مستعملا إلا في العموم. وإما أن يكون باستعماله فيما دون الدرجة العليا من الجمع على حسب ما ورد عليه التخصيص وهو إذن مستعمل في بعض مراتب الجمع، وليس إطلاق الجمع على تلك المرتبة إلا على وجه الحقيقة، لوضع الجمع لما يشمل الجميع ولا اختصاص له وضعا بالدرجة العليا، وإنما ينصرف إليه مع الإطلاق لما مر بيانه.
إذا تقرر هذه الجملة فقد تلخص لك منها أنه لا تجوز في التخصيص بالمتصل من الاستثناء وغيره: من الوصف والغاية والشرط ونحوها.
أما الاستثناء فلما عرفت من عدم استعمال المستثنى منه في خصوص الباقي، بل إنما يراد الباقي من مجموع المستثنى والمستثنى منه، فنحو " عشرة إلا ثلاثة " قد أريد من لفظ " العشرة " مفهومها وأريد " بإلا ثلاثة " اخراج الثلاثة منها من حيث تعلق الحكم به، فيبقى السبعة متعلقا للحكم الوارد عليه، فالمستفاد من