مجموع الألفاظ المذكورة بملاحظة أوضاعها هو ذلك، فكل من تلك الألفاظ قد استعمل في موضوعه، وتلخص ذلك من ملاحظة المجموع، ولو كان لفظ " العشرة " مستعملا في خصوص السبعة على سبيل المجاز لكان ما يستفاد منه خصوص الباقي هو العشرة، وكان الاستثناء قرينة عليه، كسائر القرائن المقالية القائمة على إرادة المعاني المجازية من غير أن يتلخص ذلك من المجموع، حسب ما قررناه في دلالة المجاز وهو مما يأبى عنه ظاهر الفهم عند التأمل في المقام.
ومما يشير إلى ذلك أنهم أنكروا أن من فوائد الاستثناء تدارك ما فات المتكلم عند ذكر المستثنى منه، إذ قد يغفل من خروج المستثنى فيذكر المستثنى منه على اطلاقه فيظهر منه إسناد الحكم إلى المجموع ثم إذا تنبه على خروج المستثنى منه تداركه بالاستثناء مع بقاء محله، وحينئذ فلا يراد به اخراج المستثنى عن المستثنى منه من حيث تعلق الحكم به، وليس حينئذ قرينة على استعمال المستثنى في الباقي، إذ المفروض استعماله في المجموع، وقد يجعل الاستثناء في المقام قاضيا بنسخ الإرادة الأولية ودلالته على إرادة البعض من ذلك اللفظ ثانيا، إلا أن الظاهر بعده، كما لا يخفى على المتأمل.
وإذا ظهر ورود الاستثناء في المقام على الوجه المذكور فالظاهر جريانه في سائر الصور، لوروده على وجه واحد في الجميع وإن كان في بعض الصور مبنيا على الغفلة دون البعض، ومما يشهد بما ذكرناه أنه لو كان ما استعمل فيه المستثنى منه هو الباقي بقرينة الاستثناء لجاز التخصيص المستوعب وبالأزيد من المستثنى منه إذا ورد استثناء آخر على المستثنى بجعله أنقص من المستثنى منه، كما إذا قال " له علي عشرة إلا عشرة إلا خمسة " أو " له عندي عشرة إلا عشرين إلا خمسة عشر " إذ لا استيعاب بالنظر إلى ما أريد من المستثنى في المقام، مع أن ملاحظة الاستعمالات تأبى عنه جدا، بل الظاهر عدم التأمل في فساده، والظاهر أن الوجه فيه هو ما قررناه فيتأيد به ما قلناه ويشير إلى ذلك أن أسامي الأعداد لا يجوز إطلاق الأكثر منها على الأقل من جهة علاقة الكل والجزء في غير الاستثناء،