الثاني: تبادر تعريف الجنس من المفرد المعرف عند الإطلاق من دون أن يتردد الذهن بينه وبين العهد أو الاستغراق، وذلك دليل على كونه حقيقة فيه مجازا في غيره.
الثالث: عدم صحة الاستثناء منه مطردا، القبح " جاءني الرجل إلا البصري، وأكرم الرجل إلا الفساق " إلى غير ذلك.
ولا يذهب عليك أن شيئا من الوجوه المذكورة لا ينافي ما اخترناه من كونه حقيقة في تعريف الجنس بمعناه المطلق الشامل لإطلاقه على المعهود والاستغراق والجنس المأخوذ في مقابلتهما، فإنا نقول به بانصرافه عند استعماله في الجنس المأخوذ على الوجه الأول إلى خصوص الأخير حسب ما قررناه وهو الوجه في تبادره منه فلا يفيد وضعه له بالخصوص. وغاية ما يقتضيه عدم اطراد الاستثناء عدم وضعه للعموم ونحن نقول به أيضا. وما ذكر في الوجه الأول من الرجوع إلى الأصل فهو في الحقيقة دليل على المختار - حسب ما مر بيانه - والاحتجاج به على القول المذكور مبني على الخلط بين مفادي الجنس على الوجهين المذكورين.
هذا، وقد يتخيل في المقام أنه لا تجوز هنا بالنسبة إلى اللام في شئ من الإطلاقات المذكورة لكونها موضوعة لتعريف مدخولها والإشارة إليه وهو حاصل في كل من الوجوه المذكورة، وإنما التجوز في المقام عند استعمال المفرد المعرف في العهد أو الاستغراق أو العهد الذهني في مدخول اللام، لكونه حقيقة في مطلق الجنس حسب ما تقرر من وضع أسامي الأجناس لنفس الأجناس والطبائع المطلقة، فاستعمالها في الفرد المعين أو في جميع الأفراد أو الفرد المنتشر مجاز، لضم الخصوصية المذكورة إلى مفاد نفس الكلمة، ولأن إرادة أي من المعاني المذكورة منها متوقفة على قيام القرينة سوى إرادة الجنس، وذلك شاهد على المجازية، وحيث لا تجوز بالنسبة إلى الأداة حسب ما قررناه فالتجوز في مدخولها.