ويمكن الإيراد عليه بأن عدم اطراد الاستثناء إن كان مع الخلو عن القرائن أفاد عدم وضعه للعموم أصلا، إذ لو كان موضوعا للعموم لجاز إرادة العموم منه في كل موضع خال عن القرينة فيصح الاستثناء ويكون ذلك قرينة معينة لاستعماله في العموم. وإن كان مع وجود القرينة لم يكن فيه دلالة على وضعه للعموم أصلا، ضرورة عدم صحة الاستثناء بعد قيام القرينة على عدم إرادة العموم ولو كان اللفظ موضوعا للعموم.
نعم قد يتضح الاستدلال بذلك على ما هو المختار من كونه موضوعا للأعم إذ ليس معناه الموضوع له خصوص العموم فلا يطرد صحة الاستثناء بالنسبة إليه وإنما يتبع ذلك خصوص المقامات.
هذا وقد يستدل على القول المذكور بوجوه اخر موهونة:
منها: أنه لو كان للعموم لما صح أن يقال " أكلت الخبز وشربت الماء " وقد أكل خبزا واحدا وشرب شربة من الماء، فإنه مع انتفاء الوضع يتوقف صحة الاستعمال على وجود العلاقة بينهما وحيث لا علاقة بينهما - كما هو الحال في سائر العمومات إذا أريد بها الواحد حسب ما فصل في محله - يتعين كونه غلطا. وهو ما ذكرناه من الملازمة والتالي باطل قطعا فكذا المقدم.
وأورد عليه بأن غاية ما يلزم من ذلك عدم صحة ذلك حقيقة وأما جوازه مجازا فلا مانع منه، والقرينة عليه حاصلة في المقام، لوضوح عدم تمكن أحد من أكل كل خبز وشرب جميع الماء.
وأورد عليه بعض الأفاضل بأن المقام محل تأمل، لوضوح أن صحة التخصيص المذكور محل تشاجر بين الأصوليين. ومحققوهم ذهبوا إلى المنع منه واشتراط بقاء جمع يقرب من مدلول العام كما سيجئ بيانه إن شاء الله.
واستندوا في المنع إلى استهجان العرف وعدم وجود العلاقة المعتبرة، فلو كان المفرد المعرف عاما كان ما ذكر مندرجا تحت ذلك وكان مستهجنا في العرف خاليا عن العلاقة المعتبرة على ما ذكروه، بل لو قلنا بجواز التخصيص المذكور