الاستثناء المتصل - حسب ما نص عليه المحققون من النحاة - تقول " رأيت زيدا إلا صدره، وله علي عشرة إلا واحدا " ونحو ذلك، مع عدم كون المستثنى من أفراد المستثنى منه بل من أجزائه فلم لا يجوز أن يكون الاستثناء في المقام على الوجه المذكور.
ويدفعه: أن من الظاهر أن قضية الاستثناء اندراج المستثنى في المستثنى منه سواء كان من قبيل اندراج الخاص تحت العام أو الجزء تحت الكل، فيصح الاستثناء على كل من الوجهين إلا أنه إذا كان هناك عموم وارد على كل كان الظاهر ورود الاستثناء على العموم دون ذلك الكل ولذا لم يجز أكرم كل جماعة من العلماء إلا زيدا، هذا بالنظر إلى ما هو الظاهر من اخراجه عن العام. وأما اخراجه عن خصوصيات ما اندرج في العام فلا مانع منه أيضا إلا أنه خارج عن ظاهر العبارة، ومبنى الاستدلال على جواز استخراجه عن العام كما هو الظاهر من ملاحظة الاستعمالات لا على المنع منه على الوجه الآخر وإن كان خارجا عن مقتضى الظاهر حسب ما توهم. وبهذه الوجوه وإن ظهر كون المفهوم من الجمع المحلى استغراق الآحاد دون الجموع لكن لا يظهر منها الجهة الباعثة على انصرافه إليه واستفادة ذلك منه، مع أن الذي يتراءى في الظاهر كون مفاد الاستغراق الوارد عليه استغراق الجماعات دون الآحاد، ولذا اختار جماعة كون الاستفادة المذكورة من جهة وضع جديد متعلق به ينسلخ باعتباره من معنى الجمعية، وقد يشير إليه كلام المحقق الشريف حيث قال - بعد أن ذكر كون مفاد الجمع المعرف استغراق الآحاد دون الجموع - كأنه قد بطل فيه معنى الجمعية.
لكنك قد عرفت وهن القول بثبوت وضع جديد للهيئة التركيبية يكون انفهام الاستغراق من جهته كما زعموه، وكذا القول بانسلاخه عن الجمعية، إذ قد عرفت إطلاقه حينئذ على الدرجة العليا من مراتب الجمع فهو في إفادة الجمعية فوق سائر الجموع ما أطلقت على ما دونه من المراتب فكيف يصح القول بعدم إفادته لمعنى الجمعية.