فالحق في المقام أن الاستغراق هنا متعلق بأجزاء ذلك الجمع والوحدات المندرجة فيه وليس ذلك مستندا إلى وضع اللام، بل الجمع في نفسه مستغرق للآحاد المندرجة تحته سواء أطلق على أعلى مراتبه أو على ما دونه من المراتب إلى الثلاثة، إلا أنه مع إطلاقه على ما دون الكل من المراتب لا يندرج في العام، لعدم استغراقه لجميع ما يصلح له بخلاف ما إذا أطلق على الدرجة العليا، ومدخلية اللام في استفادة العموم منه إنما هو من جهة دلالته على إطلاق الجمع على الدرجة المذكورة نظرا إلى تعينه من بين المراتب وانصراف التعريف مع الإطلاق إليه، وليس اللام بمعنى كل ليفيد عمومه عموم مدخوله، وليس مفاده بحسب الوضع سوى الإشارة والتعريف - حسب ما مر القول فيه - وحينئذ فتحقيق المرام أن الجمع في المقام إنما أطلق على مرتبة واحدة من مراتبه أعني المرتبة العليا وليس فيه استغراق لمراتب الجمع أصلا بل ليس مفاده قابلا لأن يلاحظ الاستغراق فيه بحسب الجماعات.
نعم لو كان موضوعا لجنس الجماعة حتى يكون مفاده مفاد لفظ الجماعة أمكن فيه ذلك لكنك قد عرفت فساده، وأنه موضوع لصدق الجماعة، وأن دلالته على الكثرة والتعدد من قبيل دلالة الحروف، ومعناه المستقل هو معناه الإفرادي فالتعريف وغيره من الضمائم إنما يرد عليه دون معناه الحرفي، فلا يعقل دلالته على العموم بحسب أفراد الجماعة كما أنه لا يعقل تعريفه لجنس الجماعة حسب ما مرت الإشارة إليه.
وكيف كان فالاستغراق الحاصل في المقام إنما هو من جهة شمول الجمع للوحدات المندرجة فيه، ولذا جعلنا العموم فيه من جهة استغراقه لأجزائه كما أشرنا إليه عند تحديد العام فهذا هو الوجه في استغراقه للآحاد دون الجموع، وليس ذلك مستندا إلى وضع تركيبي ولا قاضيا بانسلاخه عن الجمعية. وليس في شئ من الأدلة المتقدمة الدالة على استغراقه للآحاد دلالة على خلاف ذلك، وأقصى ما يفيده تلك الأدلة كون مفاد اللفظ استغراق الآحاد دون الجماعات وهو