أو يقال بكون الفساد مستفادا من غلبة استعمال الشارع النواهي الشرعية في مقام إرادة الفساد فيظن من ملاحظة تلك الغلبة كون النهي الوارد من الشارع واردا في مقام إرادة الفساد فيما إذا كان قابلا له من دون أن يكون الفساد مما استعمل فيه اللفظ، بل لما جرى طريقته على النهي عن العبادات أو العقود والإيقاعات ونحوها من الأمور القابلة للفساد - إذا كانت فاسدة - فهم منه الفساد بملاحظة تلك الغلبة، وهو كاف في استفادته من اللفظ فيكون لازما له من جهة الغلبة.
ثانيها: أن ما يتعلق به النواهي قد تكون قابلة للصحة والفساد - كالعبادات والعقود والإيقاعات وغيرها من الأفعال الموضوعة لترتب آثار معينة كغسل الثياب ونحوها والتذكية - وقد لا تكون قابلة لذلك - كالنهي عن الزنا والسرقة ونحوهما مما أشرنا إليه - والثاني مما لا كلام فيه ولا كلام أيضا في عدم خروجه عن حقيقة النهي، ومحل الخلاف هو الأول سواء قام هناك دليل عام على الصحة أولا.
ومن المقرر أن الأصل الأصيل في الجميع هو الفساد، لوضوح توقف العبادة على تعلق الأمر بها وهو خلاف الأصل، كما أن ترتب الآثار على المعاملات على خلافه، لأصالة بقاء الشئ على ما هو عليه، وحينئذ فالحكم بصحتها يتبع الدليل الدال عليها من عموم أو خصوص، وحينئذ فإن قام دليل على صحة العبادة أو المعاملة وتعلق النهي به كان ذلك دليلا على فسادها وخص به الدليل الدال على الصحة بناءا على القول بإفادته الفساد. وإن لم يقم دليل على الصحة كان عدم الدليل كافيا في الحكم بالفساد من جهة الأصل، والنهي أيضا دليل لفظي دال على فساده، والفرق بين الدليلين ظاهر ولا أقل من كونه مؤكدا. فتخصيص النزاع بالصورة الأولى كما نص عليه بعض الأفاضل مما لا وجه له.
ثالثها: أن المراد بالعبادة ما يتوقف صحته على نية القربة أي: يكون المطلوب إيقاعه على جهة الامتثال والطاعة لا أن يكون المقصود منه حصول نفس الفعل، فلا بد فيها من أمر ومن كون المأمور به إيقاع الفعل على تلك الجهة، فيقابله ما لا