ثالثا ولا مانع من تداخل الأقسام وهذا هو ظاهر ابن الحاجب والعضدي فإذا لم يبلغ الكثرة إلى حيث يكون له في العرف والعادة مدخلية في الامتناع من التواطؤ على الكذب مثل الثلاثة والأربعة و الخمسة وإن حصل العلم من جهة القرائن الداخلة فهو مستفيض قطعي وإن زاد على المذكورات بحيث يمتنع التواطؤ على الكذب بمثل هذا العدد في بعض الأوقات ولكن لم يحصل فيما نحن فيه فهذا مستفيض ظني ويمكن إلحاق الأول بالمتواتر على وجه مر الإشارة إليه من القول بكون خبر الثلاثة إن كان قطعيا متواترا وإلحاق الثاني بخبر الواحد ويمكن جعلهما قسمين من خبر الواحد على ما بيناه من جعل خبر الواحد أعم من الظني وبالجملة كلام القوم هنا غير محرر ويرجع النزاع إلى أن الخبر الواحد الخالي عن القرائن الزائدة هل يفيد العلم أم لا وعلى الأول فهل هو مطرد أم لا وعلى الثاني فهل يفيد العلم مع القرائن الزايدة أم لا فهناك أقوال أربعة واعلم أن القول بإفادة العلم مع قطع النظر عن القرائن الداخلة والخارجة في خبر غير العدل لم يعهد من أخذ منهم وكذلك اشتراط العدالة في الخبر المحفوف بالقرائن الخارجية ومحل نزاعهم في غير المحفوف بالقرائن الخارجية مخصوص بخبر العدل وفيه أعم فلنقدم الكلام في خبر العدل الخالي عن القرائن الخارجية فالمشهور عدم إفادته العلم مطلقا وذهب أحد من العامة إلى أنه يفيد العلم مطردا وذهب قوم إلى أنه يفيده غير مطرد وهذا أظهر لأنا كثيرا ما نجد بالوجدان حصول العلم من خبر العدل الواحد بملاحظة القرائن اللازمة للخبر التي لا ينفك عنها عادة وإن لم يكن هناك قرينة خارجة إذ قد عرفت أن اعتبار القرائن الداخلة لم يخرج عن تعريف الخبر الواحد ولكن ذلك لا يطرد كما هو مشاهد بالوجدان بل (لامعد)؟
القول بحصول ذلك في خبر غير العدل أيضا وما استدل به القائل بالاطراد في خبر العدل من أنه لو لم يفد العلم لما وجب العمل به بل لم يجز لقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وإن يتبعون إلا الظن والتالي باطل للاجماع فالمقدم مثله فهو باطل لان الاجماع إنما هو الباعث على العمل بالظن وهو قاطع ولمنع تعلق النهي بالعمل بالظن في الفروع وإنما هو في الأصول كما مر وسيجئ واحتج الجمهور بوجوه ثلاثة الأول أنه لو حصل بلا قرينة يعني خارجية لكان عاديا إذ لا علية عندنا ولا ترتب إلا بإجراء الله عادته بخلق شئ عقيب شئ آخر ولو كان عاديا لاطرد كالخبر المتواتر و انتفاء اللازم بين الثاني أنه لو حصل العلم به لادى إلى تناقض المعلومين إذا أخبر عدلان بأمرين متناقضين فإن ذلك جائز بالضرورة بل واقع واللازم باطل لان المعلومين واقعان في الواقع وإلا لكان العلم جهلا فيلزم اجتماع النقيضين الثالث لو حصل العلم به لوجب القطع بتخطئة من