بخبر وإن كان خبر غير الارتداد فلا تقبلوه أصلا لا منضما ولا منفردا إلا مع التثبت بخلاف خبر العدل فإنه يقبل في الجملة اما في غير الردة فمطلقا واما في الردة فمع انضمام الغير الثاني قوله تعالى فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وجه الدلالة أنه تعالى أوجب الحذر عند إنذار الطوائف للأقوام وهو يتحقق بإنذار كل طائفة من الطوائف لقومهم ولما لم يدل لفظ الفرقة على كونهم عدد التواتر فلفظ الطائفة أولى بعدم الدلالة بل الظاهر أن الفرقة يطلق على الثلاثة فيصدق الطائفة على الاثنين بل الواحد أيضا ولا يضر ضمير الجمع في قوله تعالى ليتفقهوا في شموله للواحد أيضا لأنه عبارة عن الطوائف ولا يلزم من ذلك لزوم اعتبار الانذار من جميع الطوائف لصدق حصوله بإنذار كل واحد منهم كل واحد من الأقوام ثم يصدق حصوله بملاحظة كل واحد واحد منهم بالنسبة إلى قومهم وكيف كان فالمقصود بيان حجية خبر الواحد في الجملة لا حجية مجرد خبر رجل واحد مع أنه لا قائل بالفرق في جانب المنع وأما دلالة الآية على وجوب الحذر فلان التهديد المستفاد من كلمة لولا يدل على وجوب النفر وتعليل النفر بالتفقه يدل على وجوبه وكذا تعليله بالانذار ومن المستبعد جدا وجوب الانذار وعدم وجوب إطاعة المستمع بل المتبادر وجوب الإطاعة للمنذرين والمشهور في وجه الدلالة أن كلمة لعل للترجي وهو ممتنع على الله تعالى فلا بد من إخراجها عن ظاهرها وأقرب مجازاتها الطلب الذي هو في معنى الامر الظاهر في الوجوب وهو فاسد لما بيناه في مبحث الامر وقيل إن أقرب مجازاتها مطلق الطلب و تحمله على الوجوب لأنه لا معنى لندب الحذر وجوازه لأنه إن حصل المقتضي له فيجب وإلا فلا يحسن و رد بأن ندب الحذر لا معنى له إذا كان المقتضي موجودا قطعا أو ظنا وأما مع احتمال وجود المقتضي فربما كان الحذر مندوبا كالحذر عن الطهارة بالماء المشمس مخافة حصول البرص أقول نعم ولكن لا معنى لاستحباب الحذر هنا بمعنى أن يقال يستحب الحذر عما أنذر به بخبر الواحد بمعنى العمل بمدلوله مطلقا فإنه قد يكون خبر الواحد دالا على الوجوب ولا معنى لاستحباب الحذر عن ترك العمل بهذا الخبر بأن يقال يستحب أن يعمل بهذا الواجب وكذلك لا يصح حمل الطلب على القدر المشترك بينهما بمعنى أنه يجب العمل بخبر الطائفة إذا حصل منه القطع ويستحب إذا حصل منه الظن فإن معناه حينئذ استحباب الحذر عن الانذار الظني الحاصل على سبيل الايجاب وحاصل الكلام أن القول باستحباب العمل بخبر الواحد المفيد للوجوب مع بقاء الوجوب على معناه الحقيقي مما لا يتصور له معنى محصل فإن استحباب الواجب لا يتصور إلا في أفضل فردي الواجب التخييري والمفروض أنه لا يتصور له
(٤٣٥)