اشترطوا هنا إن كانت مأخوذة في ماهية المتواتر فالتعريف مختل لعدم دلالته على ذلك إذ مع ملاحظة مدخلية لوازم الخبر في حصول العلم وعدم ضرره في الحد فلا حاجة إلى الكثرة فإذا حصل العلم بخبر ثلاثة بسبب صدقهم وصلاحهم وثقتهم سيما مع انضمام حال نفس الخبر فيحصل العلم ويصدق الحد على ذلك فيكفي ذلك في تحقق التواتر وإن لم تكن مأخوذة في ماهية فما معنى قولهم ويشترط في حصول التواتر و تحققه كون المخبرين في الكثرة إلى هذا الحد إذ ذلك من مقومات المهية عندهم وإلا فلا معنى لكون ذلك شرطا لحصول العلم بالمتواتر بعدما أخذوا إفادة العلم بنفسه في تعريفه فإن ما يفيد العلم بنفسه لا يتوقف حصول العلم بسببه على شرط آخر كما لا يخفى وأيضا قولهم ويشترط في حصول التواتر كون المخبرين في الكثرة إلى هذا الحد إما أن يراد به اعتبار الكثرة المطلقة باعتبار الجعل والاصطلاح في والتواتر فما معنى تقييده بكونهم حدا يمتنع تواطؤهم على الكذب وما وجه تخلية التعريف عن لفظ الكثرة إذ المراد كثرة الجماعة لا الكثرة مطلقا حتى تشتمل الثلاثة مع أنه مما يناقش في صدقه في الثلاثة أيضا فلا يحسن أن يقال أن الثلاثة أيضا كثير واما أن يراد به الكثرة المقيدة بما ذكر وحينئذ فنقول إن أريد من امتناع تواطئهم على الكذب عادة من جهة نفس الكثرة مع قطع النظر عن لوازم الخبر وعن كل شئ فمع أنهم لا يقولون به لا يلائم تخصيصهم الاحتراز بما لو كان العلم من جهة القرائن الخارجة عن لوازم الخبر بل لا بد أن يحترزوا من القرائن اللازمة للخبر أيضا فالمتواتر حينئذ هو ما كان إفادته العلم من جهة الكثرة لا غير مع أنه ليس لذلك معيار معين بل يختلف باختلاف لوازم الخبر جزما ولذلك لم يعين الجمهور للمتواتر عددا خاصا وإن أريد امتناع تواطئهم على الكذب بملاحظة خصوصيات المواضع وتفاوت لوازم الخبر فيرجع هذا إلى أن هذا الشرط لمحض إدراج قيد الكثرة إذ امتناع تواطئهم على الكذب بحسب لوازم الخبر كان مستفادا من قولهم يفيد بنفسه العلم فيرجع الكلام فيه البحث الأول وهو أن التعريف مختل للزوم إدراج قيد الكثرة فيه وإن قولهم بنفسه لا يغني عنه وبالجملة كلماتهم هنا في غاية الاختلال فالأولى في التعريف ما ذكرنا سابقا والذي يحضرني من كلام القوم ما يوافق ما اخترته التعريف الذي اختاره السيد عميد الدين رحمه الله في شرح التهذيب حيث قال هو في الاصطلاح عبارة عن خبر أقوام بلغوا في الكثرة إلى حيث حصل العلم بقولهم وأما الثاني فهو كون السامع غير عالم بما أخبر به لاستحالة تحصيل الحاصل وأن لا يكون قد سبق بشبهة أو تقليد إلى اعتقاد نفي موجب الخبر وهذا الشرط مما اختص به سيدنا المرتضى رحمه الله وأوفقه المحققون فمن تأخر عنه وهو شرط وجيه وبذلك يجاب عن كل من خالف الاسلام ومذهب الامامية في إنكارهم حصول العلم بما
(٤٢٥)