الاستدلال به ولزوم التمسك به قريب من التواتر أو متواتر منها ما ذكره أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبته المذكورة في نهج البلاغة قال فيها والصلاة على نبيه الذي أرسله بالفرقان ليكون للعالمين نذيرا وأنزل عليه القرآن ليكون إلى الحق هاديا وبرحمته بشيرا فالقرآن آمر زاجر وصامت ناطق حجة الله على خلقه أخذ عليهم مشاقه إلى آخر ما ذكره عليه السلام من هذا النمط ومنها خبر الثقلين الذي ادعوا تواتره بالخصوص فإن الامر بالتمسك بالكتاب سيما مع عطف أهل البيت عليهم السلام عليه صريح في كون كل منهما مستقلا بالإفادة وعدم افتراقهما كما في بعض رواياته لا يدل على توقف فهم جميع القرآن ببيان أهل البيت عليهم السلام فإن ذلك لأجل إفهام المتشابهات وما لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم فإما مذعنون بما قاله تعالى هو الذي أنزل إليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب الآية فإن المراد بالمتشابه هو مشتبه الدلالة والمحكم في مقابله وما قيل إن المراد من المتشابه مشتبه فيحتمل أن يكون الظاهر منه لجهالة معناه بالنسبة إلى الواقع وكذلك المراد بالمحكم لما يستفاد من بعض الاخبار أن المحكم هو ما يرادف النص أو المراد به الناسخ ففيه ما لا يخفى إذ من (المعائن)؟ الغني عن البيان أن مجرى عادة الله تعالى في بيان الاحكام على النطق و الكلام وإن الكلام كله لا يفيد اليقين بل أكثره مبتن على الظن من العمل بأصل الحقيقة في الحقايق وبالقرائن في المجازات مع احتمال إرادة المجاز واختفاء القرينة على السامع واحتمال اشتباه القرينة بقرينة أخرى ولم يعهد من نبي ولا وصي ولا متكلم (النبي)؟ من حكيم وعاقل أو سفيه وجاهل التوقف في حال التكلم مع مخاطبه في أنه هل حصل له اليقين بمرامه أم اكتفى بالظن بل لو توقف وكرر عليه القول واستفسر وبين له ثانيا أيضا فلا ينفك ذلك أيضا غالبا عن لفظ آخر محتمل لتلك الوجوه وهكذا وسيجئ زيادة توضيح لذلك فالمراد من المتشابه هو ما لم يتضح دلالته بأن يصير السامع مترددا لأجل تعدد الحقايق أو لأجل خفاء القرينة المعينة للمجاز لتعدد المجازات وهكذا والحاصل ما لم يكن له ظاهر أريد منه سواء لم يكن له ظاهر أو كان ولم يرد واشتبه دلالته في غيره فما وضح دلالته إما للقطع بالمراد أو للظهور المعهود الذي يكتفي العقلاء وأرباب اللسان به فهو المحكم ومقابله المتشابه فخذ هذا ودع عنك ما استشكله بعضهم في هذا المجال لاطلاق المحكم في كلام بعض العلماء على ما يرادف النص أو يدعى استفادة ذلك من بعض الاخبار أيضا وإن في بعض الاخبار ما يدل على أن المحكم هو الثابت لا المنسوخ وان المنسوخ من المتشابهات فإن الظاهر أن المراد من كون المنسوخ من المتشابهات أنه مثلها في عدم جواز العمل ومن أن الناسخ محكم أنه يجب العمل به فهذه الآية محكمة
(٣٩٤)