الحمل عليه، لأصالة بقائه حتى يعلم النقل عنه. ولم يثبت حصوله في ذلك العصر.
الثاني: قوله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبأ، فتبينوا " (1) وجه الدلالة: أنه سبحانه علق وجوب (2) التثبت على مجئ الفاسق، فينتفى عند انتفائه (3)، عملا بمفهوم الشرط. وإذا لم يجب التثبت عند مجئ غير الفاسق، فاما أن يجب القبول وهو المطلوب، أو الرد وهو باطل، لأنه يقتضي كونه أسوء حالا من الفاسق.
وفساده بين. وما يقال: من أن دلالة المفهوم ضعيفة، مدفوع: بأن الاحتجاج به مبني على القول بحجيته (4) فيكون حينئذ جملة الظواهر التي يجب التمسك بها.
الثالث: إطباق قدماء الأصحاب الذين عاصروا الأئمة عليهم السلام و أخذوا عنهم أو قاربوا (5) عصرهم على رواية أخبار الآحاد وتدوينها والاعتناء بحال الرواة، والتفحص عن المقبول والمردود، والبحث عن الثقة والضعيف، واشتهار ذلك بينهم في كل عصر من تلك الاعصار وفي زمن إمام بعد إمام. ولم ينقل عن أحد منهم إنكار لذلك أو مصير إلى خلافه، ولا روى عن الأئمة عليهم السلام (6) حديث يضاده، مع كثرة الروايات عنهم في فنون الاحكام.
قال العلامة في النهاية (7): " أما الامامية، فالأخباريون منهم (8) لم يعولوا في أصول الدين وفروعه، إلا على أخبار الآحاد المروية عن الأئمة عليهم السلام، والأصوليون منهم كأبي جعفر الطوسي - رحمه الله (9) - وغيره وافقوا على قبول خبر الواحد. ولم ينكره أحد (10)، سوى المرتضى وأتباعه، لشبهة حصلت لهم ".