أنه مستحيل من طريق العقول: أن يتعبد الله تعالى بالعمل بأخبار الآحاد (1). و يجري ظهور مذهبهم في أخبار الآحاد مجرى ظهوره في إبطال القياس في الشريعة و حظره.
وقال في المسألة التي أفردها في البحث عن العمل بخبر الواحد: إنه بين في جواب المسائل التبانيات: أن العلم الضروري حاصل لكل مخالف للامامية أو موافق بأنهم لا يعملون في الشريعة بخبر لا يوجب العلم، وأن ذلك قد صار شعارا لهم يعرفون به، كما أن نفي القياس في الشريعة من شعارهم الذي يعلمه منهم كل مخالط لهم.
وتكلم (2) في الذريعة على التعلق بعمل الصحابة والتابعين، بأن الامامية تدفع ذلك وتقول: إنما عمل بأخبار الآحاد من الصحابة، المتأمرون الذين يحتشم التصريح بخلافهم والخروج عن جملتهم. فامساك النكير عليهم لا يدل على الرضاء بما فعلوه. لان الشرط في دلالة الامساك على الرضاء: أن لا يكون له وجه سوى الرضاء من تقية وخوف وما أشبه (3) ذلك.
والجواب عن الاحتجاج بالآيات: أن العام يخص والمطلق يقيد بالدليل وقد وجد كما عرفت. على أن آيات الذم ظاهرة بحسب السوق في الاختصاص باتباع الظن في أصول الدين. لان الذم فيها للكفار على ما كانوا يعتقدونه. وآية النهي محتملة لذلك أيضا، ولغيره مما ينافي عمومها أو صلاحيتها للتمسك بها في موضع النزاع. لا سيما بعد ملاحظة ما تقرر في خطاب المشافهة ووجه ثبوت حكمه (4) علينا مع ما علم في الوجه الرابع من الحجة لما صرنا إليه. وأي إجماع أو ضرورة تقتضي (5) بمشاركتنا (6) لهم في التكليف بتحصيل العلم فيما لا ريب في انسداد باب العلم به عنا دونهم؟ وهذا واضح لمن تدبر.