يكون اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلهم على إرادة خلافها. وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالاجماع ونحوه، فيحتمل الاعتماد في تعريفنا بسائرها على الامارات المفيدة للظن القوي، وخبر الواحد من جملتها. ومع قيام هذا الاحتمال ينتفي القطع بالحكم، ويستوي حينئذ الظن المستفاد من ظاهر الكتاب والحاصل من غيره، بالنظر إلى إناطة التكليف به. لابتناء الفرق بينهما على كون الخطاب متوجها إلينا، وقد تبين خلافه، ولظهور اختصاص الاجماع والضرورة الدالين على المشاركة في التكاليف المستفادة من ظاهر الكتاب بغير صورة وجود الخبر الجامع للشرائط الآتية، المفيد للظن الراجح بأن التكليف بخلاف ذلك الظن الظاهر (1). ومثله يقال: في أصالة البراءة لمن التفت إليها. بنحو ما ذكر أخيرا في ظاهر الكتاب.
حجة القول الآخر: عموم قوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " (2) فإنه نهى عن اتباع الظن. وقوله تعالى: " إن يتبعون إلا الظن "، (3 - 4) و " إن الظن لا يغني من الحق شيئا " (5)، ونحو ذلك من الآيات الدالة على ذم اتباع الظن. والنهي والذم دليل الحرمة، وهي تنافي الوجوب، ولا شك أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن.
وما ذكره السيد المرتضى (6) في جواب المسائل التبانيات: من أن أصحابنا لا يعملون بخبر الواحد، وأن ادعاء خلاف ذلك عليهم دفع للضرورة. قال: لأنا نعلم علما ضروريا لا يدخل في مثله ريب ولا شك أن علماء الشيعة الإمامية يذهبون إلى أن أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة ولا التعويل علها و أنها ليست بحجة ولا دلالة. وقد ملأوا الطوامير وسطروا الأساطير في الاحتجاج (7) على ذلك والنقض على مخالفيهم فيه. ومنهم من يزيد على هذه الجملة ويذهب إلى