وأما ما ذكره المرتضى، فجوابه:
أولا: أن العلم الضروري بأن الامامية تنكر العمل بخبر الواحد مطلقا غير حاصل لنا الآن قطعا، واعتمادنا في الحكم بذلك على نقله له نقض لغرضه، إذ لم يصل إلينا معه ما يخرجه عن كونه خبر واحد.
وثانيا: أن التكليف بالمحال ليس بجائز عندنا، ومعلوم أن تحصيل العلم القطعي بالحكم الشرعي في محل (1) الحاجة إلى العمل بخبر الواحد الآن مستحيل عادة. وإمكانه في عصره وما قبله من أزمنة ظهور الأئمة، عليهم السلام، لا يجدي بالنسبة إلى زمان عدم الامكان. ولعل الوجه في معلومية مخالفة الامامية لغيرهم في هذا الأصل تمكنهم في تلك الأوقات من تحصيل العلم بالرجوع إلى أئمتهم المعصومين، عليهم السلام فلم يحتاجوا (2) إلى اتباع الظن الحاصل من خبر الواحد كما صنع مخالفوهم ولم يؤثروه على العلم.
وقد أورد السيد على نفسه، في بعض كلامه، سؤالا، هذا لفظه: فان قيل:
إذا سددتم طريق العمل بالاخبار، فعلى أي شئ تعولون في الفقه كله؟ وأجاب بما حاصله: ان معظم الفقه يعلم (3) بالضرورة من (4) مذاهب أئمتنا، عليهم السلام، فيه بالاخبار المتواترة. وما لم يتحقق ذلك فيه ولعله الأقل يعول فيه على إجماع الإمامية.
وذكر كلاما طويلا في بيان حكم ما يقع فيه الاختلاف بينهم. ومحصوله:
أنه، إذا أمكن تحصيل القطع بأحد الأقوال من طرق ذكرها (5) تعين العمل عليه و إلا كنا (6) مخيرين بين الأقوال المختلفة لفقد دليل التعيين. ولا ريب أن ما ادعاه من علم معظم الفقه بالضرورة وباجماع الامامية، أمر ممتنع في هذا الزمان وأشباهه (7).
فالتكليف فيها (8) بتحصيل العلم غير جائز، والاكتفاء بالظن فيما يتعذر فيه العلم