جهات متعددة يتفاوت (1) بالقوة والضعف. فالعدل عن القوي منها إلى الضعيف قبيح. ولا ريب أن كثيرا من أخبار الآحاد (2) يحصل بها من الظن (3) ما لا يحصل بشئ من سائر الأدلة، فيجب تقديم العمل بها.
لا يقال: لو تم هذا لوجب - فيما إذا حصل للحاكم من شهادة العدل الواحد أو دعواه، ظن (4) أقوى من الحاصل (5) بشهادة العدلين - أن يحكم بالواحد أو بالدعوى. وهو خلاف الاجماع.
لأنا نقول: ليس الحكم في الشهادة (6) منوطا بالظن بل بشهادة العدلين، فينتفى بانتفائها، ومثلها الفتوى والاقرار. فهي كما أشار إليه المرتضى (7) - رضي الله عنه - (8) في معنى الأسباب أو الشروط الشرعية، كزوال الشمس وطلوع الفجر بالنسبة إلى الأحكام المتعلقة (9) بهما، بخلاف محل النزاع، فان المفروض فيه كون التكليف منوطا بالظن.
لا يقال: الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم، لا مظنون. وذلك بواسطة ضميمة مقدمة خارجية، وهي قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر، وهو يريد خلافه، من غير دلالة تصرفه (10) عن ذلك الظاهر. سلمنا، ولكن ذلك (11) ظن مخصوص، فهو من قبيل الشهادة، لا يعدل عنه إلى غيره إلا بدليل.
لأنا نقول: أحكام الكتاب كلها من قبيل خطاب المشافهة، وقد مر أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب، وأن ثبوت حكمه في حق من تأخر إنما هو بالاجماع وقضاء الضرورة باشتراك التكليف بين الكل. وحينئذ فمن الجائز أن