امتناع حمل كلمة " لعل " على معناها الحقيقي، باعتبار استحالته على الله تعالى، يوجب المصير إلى أقرب المجازات إليه، وهو مطلق الطلب لا الايجاب.
قلت: قد بينا (1) فيما سبق أنه لا معنى لجواز الحذر أو ندبه، لأنه إن حصل المقتضي له وجب، وإلا لم يحسن، فطلبه دليل على حسنة. ولا يحسن إلا عند (2) وجود المقتضي. وحيث يوجد يجب. فالطلب له لا يقع إلا على وجه الايجاب. على أن ادعاء كون مطلق الطلب أقرب المجازات لا الايجاب في موضع النظر.
فان قيل: وجوب الحذر عند الانذار لا يصلح بمجرده دليلا على المدعى، لكونه أخص منه، فإن الانذار (3) هو التخويف، وظاهر أن الخبر أعم منه.
قلت: الانذار هو الابلاغ، ذكره الجوهري قال: ولا يكون إلا في التخويف (4).
وقريب من ذلك في الجمهرة (5 - 6) والقاموس (7). والعرف يوافقه أيضا. ولا ريب أن عمدة الأحكام الشرعية الوجوب والتحريم، وما يرجع بنوع من الاعتبار إليهما.
وهما ينفكان عن التخويف، فان الواجب يستحق العقاب تاركه، والحرام يستوجب المؤاخذة فاعله. وإذا نهضت الآية بالدلالة على قبول خبر الواحد فيهما، فالخطب فيما سواهما سهل. إذ القول بالفصل معلوم الانتفاء. مع أنه يمكن ادعاء الدلالة على القبول فيه أيضا بلحن الخطاب.
فان قيل: ذكر التفقه في الآية يدل (8) على أن المراد بالانذار: الفتوى، وقبول الواحد فيها موضع وفاق.
قلت: هذا موقوف على ثبوت عرفية المعنى المعروف بين الفقهاء والأصوليين للتفقه في زمن الرسول، صلى الله عليه وآله، على الوجه المعتبر، ليحمل الخطاب عليه. وأنى لكم بإثباته. ومعناه اللغوي مطلق التفهم، فيجب