الحاجة. والعموم لو كان باقيا على أصل اللغة في أن الظاهر محتمل لجاز أيضا تأخير بيانه، لأنه في حكم المجمل، وإذا انتقل بعرف الشرع إلى وجوب الاستغراق بظاهره، فلا يجوز تأخير بيانه ".
وحكى العلامة في النهاية (1) عن بعض العامة بعد نقله الأقوال التي ذكرناها وغيرها: قولا آخر هو: جواز تأخير بيان ما ليس له ظاهر كالمجمل. وأما ماله ظاهر وقد استعمل في غيره كالعام والمطلق والمنسوخ، فيجوز تأخير بيانه التفصيلي لا الاجمالي، بأن يقول وقت الخطاب: " هذا العام مخصوص " و " هذا المطلق مقيد " و " هذا الحكم سينسخ ". وقال: إنه الحق.
ولا يكاد يظهر بينه وبين قول السيد بعد إمعان النظر فرق، إلا في جهة النسخ. فان السيد لم يتعرض له في أصل البحث (2)، وإنما ذكر في أثناء الاحتجاج: أن الاجماع من الكل واقع على أنه تعالى يحسن منه تأخير بيان مدة الفعل (3) المأمور به، والوقت الذي ينسخ فيه (4) عن وقت الخطاب وإن كان مرادا بالخطاب.
والعجب بعد هذا: من رغبة العلامة رحمه الله عن قول السيد وموافقته لذلك القائل على وجوب اقتران بيان المنسوخ به، مع ما فيه من البعد والمخالفة لما هو المعروف بينهم من اشتراط تأخير الناسخ، حتى أنه في مباحث النسخ عده شرطا من غير توقف ولا استشكال (5)، وجعله كغيره وجها للفرق بين التخصيص والنسخ.
وأما ما يوهمه ظاهر عبارة السيد - من تخصيصه المنع من جواز التأخير بالعام، وعدم تعرضه للمراد من البيان: أهو التفصيلي أو غيره، بحيث يعدان وجهين في المخالفة لذلك القول، إذ عمم فيه المنع لكل ماله ظاهر أريد منه