الموضوع للجزء في الكل، على ما مر تحقيقه. وحينئذ فما وجه تخصيص وجود العلاقة بالأكثر؟
قلت: لا ريب في أن كل واحد من أفراد العام بعض مدلوله، لكنها ليست أجزاء له، كيف؟ وقد عرفت أن مدلول العام كل فرد، لا مجموع الافراد. وإنما يتصور في مدلوله تحقق الجزء، والكل، لو كان بالمعنى الثاني. وليس كذلك.
فظهر أنه ليس المصحح للتجوز علاقة الكل والجزء، كما توهم. وإنما هو علاقة المشابهة، أعني: الاشتراك في صفة، وهي ههنا الكثرة، فلابد في استعمال لفظ العام في الخصوص من تحقق كثرة تقرب (1) من مدلول العام، لتحقق المشابهة المعتبرة لتصحيح الاستعمال. وذلك هو المعني بقولهم: " لابد من بقاء جمع يقرب، الخ ".
وعن الثاني: بالمنع من كون الامتناع للتخصيص مطلقا، بل لتخصيص خاص، وهو ما يعد في اللغة لغوا، وينكر عرفا.
وعن الثالث: أنه غير محل النزاع، فإنه للتعظيم، وليس من التعميم والتخصيص في شئ. وذلك لما جرت العادة به، من أن العظماء يتكلمون عنهم و عن أتباعهم، فيغلبون المتكلم، فصار ذلك استعارة عن العظمة ولم يبق معنى العموم ملحوظا فيه أصلا.
وعن الرابع: أنه، على تقدير ثبوته، كالثالث في خروجه عن محل النزاع، لان البحث في تخصيص العام، و " الناس "، على هذا التقدير ليس بعام بل للمعهود، والمعهود غير عام. وقد يتوقف في هذا، لعدم ثبوت صحة إطلاق " الناس " المعهود على واحد. والامر عندنا سهل.
وعن الخامس: أنه غير محل النزاع أيضا، فان كل واحد (2) من الماء والخبز في المثالين ليس بعام، بل هو للبعض (3) الخارجي المطابق للمعهود الذهني، أعني: