ان يعد الأسماء ثم يستثنى منها فكذلك لفظ العموم لو كان جاريا مجرى ذلك لما حسن الاستثناء منه والجواب عن ذلك ان يقال الاستثناء انما يحسن إذا قصد المتكلم بالخطاب بعض العموم فيحتاج ان يبين من لم يعنه بالخطاب وانما كان يكون نقضا لو قصد به الاستغراق ثم استثنى منها ونحن لا نقول ذلك وليس كذلك تعداد الأسماء لأنه إذا عددها فقد قصدها كلها فلا يجوز بعد ذلك ان يستثنى منها لأنه يؤدي إلى نفى ما اثبته بعينه وذلك لا يجوز على حال وليس كذلك لفظ العموم لأنه يجوز ان يستعمل في بعض ما وضع له على ضرب من المجاز إذا بين معه المراد بذلك وفي ذلك سقوط هذا السؤال فاما من فرق بين الأوامر والاخبار فقوله يبطل بما دللنا عليها من ان هذه الالفاظ تفيد الاستغراق في الاخبار كإفادتها في الأوامر وإذا ثبت ذلك فمتى ورد خطاب من الله تعالى وجب حمله على عمومه سواء كان امرا أو خبرا الا ان يدل دليل على ان المراد به التخصيص فتحمل عليه ولاجل هذا قلنا ان ما اخبر الله تعالى به من عقاب العصاة المراد به بعضهم لا جميعهم لما دل الدليل عندنا على ذلك فلا يبين ظان ان في القول بالعموم تركا لهذا المذهب وتصحيحا لمذهب الخصم لان الخصم يدفع ان يكون ههنا دليل يدل على تخصيص آيات الوعيد ونحن نثبته وإذا ثبت ما ندعيه بطل مذهب الخصم في ذلك فاما من فرق بين الامر والخبر بان قال ان الامر تكليف والخبر ليس كذلك فلا يمتنع أن لا يكون مفيدا للاستغراق وان لم يعلمه فقد أخطأ وذلك انه لا فرق بينهما في تعلق تعليق التكليف بهما لان الامر يوجب علينا فعل ما تناوله والخبر يوجب علينا اعتقاد ما تضمنه فلابد من أن يكون مفيدا للاستغراق ان كان مطلقا وان كان المراد به الخصوص فلابد من ان يقترن به البيان والا أدى ذلك إلى إباحة الجهل والاعتقاد الذي لا نأمن (يؤمن خ ل) كونه جهلا وكل ذلك منفى عن القديم تعالى وهذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر ألفاظ الجمع والجنس وغير ذلك ذهب أكثر من قال بالعموم إلى ان اسم الجنس إذا دخله الألف واللام اقتضى استغراق الجنس وذلك مثل قوله تعالى والعصر ان الانسان لفي خسر وكذلك قالوا في ألفاظ الجموع والأسماء المشتقة نحو قولهم رأيت الرجال وقوله اقتلوا المشركين وان الفجار لفي جحيم
(١١٣)