من جميعها جاز ان ينهى عنها اجمع على جهة التخير ولا يجوز ان ينهى عنها جميعا على وجه الجمع لان كونها متضادة يمنع من صحة الجمع بينها وقال يصح النهى عنه وان كان لا يصح انفكاكه من جميعها فلا يجوز ان ينهى عن جميعها على حال لان ذلك تكليف لما لا يطاق وكذلك إذا نهى عنه ضدين ولهما ثالث جاز ان ينتهى عنهما جميعا على وجه التخيير ولا يجوز ان ينتهى عنهما جميعا على الجمع لمثل ما قلناه وان لم يكن لهما ثالث لم يجز ان ينتهى عنهما جميعا على حال مثل ما قلناه وان كان ما تناوله النهى أشياء مختلفة أو شيئين مختلفين فإنه يصح ذلك على وجه الجمع والتخيير معا وقول من قال لا يصح ذلك على وجه التخير غير صحيح لأنه كما لا يمتنع ان يكون فعلهما مفسدة إذا جمع بينهما فينهى عنهما جميعا على وجه الجمع وكذلك لا يمتنع ان يكون فعل كل واحد منهما إذا انفرد كان مفسدة وإذا اجتمع مع غيره لا يكون كذلك فيصح ان ينهى عنه على وجه التخير مثل ما نقوله في الامر فالفرق بين النهى والامر في هذا الباب لا يمكن والقول في الامر إذا تناول ضدين مثل القول في النهى سواء لأنه إذا كان لهما ثالث جاز ان يؤمر بهما على التخيير ولا يجوز ان يؤمر بالجمع بينهما لان ذلك مستحيل وكذلك ان لم يكن لهما ثالث ما جاز ان يؤمر بهما على وجه التخير فلا يجوز ان يؤمر بهما على وجه الجمع لما قلناه فاما إذا تناول الامر أشياء مختلفة فإنه يجوز ذلك على وجه الجمع والتحيز بلا خلاف وانما الخلاف في انه يكون الجميع واجبة أو واحد لا بعينه وقد قلناه ما عندنا في ذلك فأغنى عن الإعادة وهذه جملة كافية في هذا الباب وما عدا ما ذكرناه احكام النهى فيه احكام الامر على السواء فلا معنى لتكرار القول فيه فصل في ان النهى يدل على فساد المنهى عنه أم لا ذهب أهل الظاهر وكثير من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأبى حنيفة وكثير من المتكلمين إلى ان النهى يدل على فساد المنهى عنه وذهب أكثر المتكلمين والباقون من الفقهاء إلى ان ذلك لا يدل على كونه غير مجز وهو الذي حكاه أبو عبد الله البصري عن أبى الحسن الكرخي وذهب إليه بعض أصحاب الشافعي والذي اذهب إليه هو الأول وينبغي ان نبين أولا تحقيق الخلاف في ذلك وما المراد به ثم نتكلم في صحة ذلك أو فساده فمعنى قولنا ان المنهى عنه غير مجز هو ان الذمة إذا تعلقت بها عبادة يجب أدائها على شروط فمتى أداها على وجه قبيح منهى عنه فان
(٩٨)