الإباحة وقال قوم ان مقتضى الامر على ما كان عليه من ايجاب أو ندب أو وقف فلا اعتبار بما تقدم وهذا هو الأقوى عندي والذي يدل على ذلك ان الاعتبار في هذه الالفاظ بظواهرها وموضوعها في اللغة لأنا متى لم نراع ذلك لم يمكننا الاستدلال بشئ من الكلام وإذا ثبت ذلك وكانت صيغة الامر وصورته بعد الخطر كما كانت قبل الخطر وجب أن يكون مقتضاهما على ما كان الا أن يدل دليل على خلاف ذلك فتحمل عليه كما إذا دل دليل ابتداء على خلاف مقتضاها في أصل الوضع حمل عليه والذي يدل أيضا على ذلك ان كون الامر واردا عقيب الحظر اللفظي ليس بأكثر من كونه واردا عقيب الحظر العقلي الا ترى ان الصلاة ورمى الجمار وغير ذلك من الشرعيات قبيح بالعقل فعلها ومع ذلك لما ورد الشرع بها وتناولها الامر حمل ذلك على الوجوب أو الندب على الخلاف فيه ولم يكن ما تقدمها من الحظر العقلي موجبا لا باجتهاد وكذلك حكم الامر إذا ورد عقيب الحظر اللفظي ينبغي أن يكون حكمه حكم ما ورد ابتداء ولا يؤثر في تغيير ذلك ما تقدم من الحظر الا بدليل فاما تعلقهم في ذلك بان قالوا الحظر لما كان من الفعل ينبغي أن يكون الامر رافعا لذلك وذلك يفيد الإباحة فان الذي يقتضيه هذا الاعتبار انه ينبغي أن يكون الامر مخالفا لحكم الحظر وكذلك تقول وقد يكون مخالفا بأن يقتضى الوجوب أو الندب أو الإباحة فمن اين ان المراد أحدهما دون الاخر وكل ذلك يزيل حكم الحظر فسقط التعلق بذلك فاما تعلقهم في ذلك بان أوامر القران الواردة عقيب الحظر كلها كذلك نحو قوله تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ونحو قوله وإذا حللتم فاصطادوا وما جرى مجرى ذلك فينبغي أن يكون حقيقتها ذلك ليس بصحيح لأنا نقول انما علم ذلك بدليل غير الظاهر ولو خلينا والظاهر حكمنا في هذه الأوامر ما كنا نحكم فيها ابتداء من غير أن يتقدمها حظر فالتعلق بذلك لا يصح على انه قد ورد في القران عقيب الحظر الامر وان لم يوجب الإباحة نحو قوله ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وليس بمباح بل هو نسك وذلك يخالف ما أصلوا القول فيه فصل في ان الامر بالشئ هل هي امر بما لا يتم الا به أم لا اعلم ان الامر إذا ورد فلا يخلوا من أن يكون متناولا لمن كان على صفة مخصوصة أو يكون مطلقا فان كان متناولا لمن كان على صفة وجب أن يكون مقصورا على من كان عليها ومن ليس عليها لا يلزمه ان يجعل نفسه عليها ليتناوله الامر الا أن يدل دليل على وجوب تحصيل تلك الصفة له فحينئذ يلزمه لمكان الدليل وذلك نحو قوله تعالى ولله على
(٧٢)