غير متطهر يلزمه قضاؤه وذلك ان الذي ذكروه لا يدل على انه غير مجز وانما يدل على ان مثله مصلحة في الثاني ونحن لا نمتنع من ذلك وجرى ذلك مجرى ان يؤمر بالفعل في وقتين فإنه متى فعل المأمور فيهما فلا يقول أحد ان ما فعل في الثاني مجزوما فعل في الأول غير مخبر وكذلك ما يفعل بأمر اخر فاما تسمية قضاء للأول فكلام في العبارة وقد بينا انه لا اعتبار به فاما المعنى المضي في الحج الفاسد ووجوب الصلاة على الظان لكونه متطهرا في اخر الوقت فالذي يتناوله الامر في هذين اتمام الحج وأداء تلك الصلاة من قضاء تلك الصلاة إذا تيقن انه كان محدثا وإعادة الحج فإنه علم ذلك بدليل اخر وقد بينا انه لا اعتبار بتسمية قضاء يتعلق بذلك في هذا الباب فان قيل انما أردنا بكونه غير مجز انه لا يعلم إذا فعل انه لا يلزمه مثله في المستقبل قيل له وانما أردنا بكونه مجزيا انه لا يعلم انه يجب عليه مثله في المستقبل ويسقط حينئذ الخلاف ويدل أيضا على ما ذهبنا إليه انه ثبت ان النهى يقتضى فساد المنتهى عنه على ما سندل عليه فينبغي أن يكون الامر يقتضى كونه مجزيا لأنه ضده فصل في حكم الامر إذا تكرر بغير واو العطف أو بواو العطف ما لقول فيه اعلم ان الصحيح ان الامر إذا تكرر بغير واو العطف تكرر المأمور به ووجب كوجوبه وهو مذهب أكثر المتكلمين والفقهاء وقال قوم انه ينبغي أن يحمل الثاني على الأول وعلى انه تأكيد له والذي تدل على صحة ما ذهبنا إليه ان كل واحد منهما لو انفرد لا اقتضى فعل المأمور به اما وجوبا أو ندبا على الخلاف فيه فينبغي أن يكون ذلك حكمه إذا تكرر وليس ذكره بعد ذكر الأول مقتضيا لحمله على التأكيد الا أن يدل دليل على انه تأكيد فيحمل عليه أو يكون الأول معرفا أو إشارة إلى معهود والثاني مثله فيحمل على ذلك نحو ان يقول الله تعالى صلوا صلاة صلوا صلاة فإنه يجب أن يحمل اللفظة الثانية على صلاة غير الصلاة الأولى واما ما يكون فنحو ما روى عن ابن عباس في قوله فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا فقال لن يغلب عسر واحد يسرين فحمل العسر على انه واحد لما كانا معرفين واليسر على انه مختلفان لما كانا منكرين وقال قوم في تأويل هذه الآية ان التعريف في العسر ليس بتعريف العهد وانما هو تعريف الجنس فكأنه قال مع جنس العسر يسرا مع جنس العسر يسرا وعلى هذا يكون الثاني غير الأول والذي يدل أيضا على ما قلناه ان الخبرين إذا تكررا اقتضيا مخبر مخبرين فوجب أن يكون حكم الامرين مثل ذلك لأنهما في المعنى واحد فاما
(٨٢)