لا يختار الا ما هو الواجب بمحسن لذلك لأنه لو كان محسناته يحسنه إذا خيره بينه وبين المباح إذا علم انه لا يختار الا الواجب وقد اتفقنا على خلاف ذلك فاما من نصر ما قلناه وقال معنى ان الله تعالى أراد كل واحد منها وكره ترك كل واحد منها مع ترك الاخر ولم يكره تركه مع فعل الاخر فلا يمكننا الاعتماد عليه لأنا قد بينا ان الامر لا يقتضى الايجاب لا انه أراد الامر المأمور به وكره تركه وبينا ما عندنا في ذلك مع ان هذا المذهب يكاد لا يتصور ولا يتحقق لأنه لا يخلو الا يكره ترك واحد منها ولا يكره ترك الباقي فان أرادوا ذلك فذلك قول من قال ان الواجب واحد لا بعينه وان قالوا انه كره تركه وترك الاخر فقد جمعهما للكراهة فينبغي أن يكونا جميعا واجبين على الجمع وذلك لا يقوله أحد وقولهم ولم يكره ترك واحد مع فعل الاخر يكاد يستحيل لأنه إذا كرهه مع ترك الاخر فقد حصلت الكراهة له وتعلقت به لنفسها فكيف لا تكون حاصلة إذا قدرنا فعل الاخر وتعلق من خالف في ذلك بان قال لو فرضنا انه فعل الثلث لكان الواجب منها واحدا فكذلك قبل الفعل وقالوا أيضا لو لم يفعل الثلاثة لا يستحق العقاب على واحدة منها فعلم بذلك ان الواجب هو الواحد والجواب عن ذلك ان هذا يسقط بما حررناه لأنه إذا فعل الثلاثة فالذي كان واجبا عليه واحد وان كان الباقي له صفة الوجوب لأنه كان مخيرا فيها فلأجل ذلك استحق ثواب الواحد على جهة الوجوب والثنتان فعلهما تبرعا ولا يمتنع أن يكون الشئ له صفة الوجوب إذا فعل مفردا فإذا فعل مع غيره كان الواحد فيها لا يتغير وجه كونه واجبا والثاني يصير ندبا فلأجل ذلك يستحق عليه ثواب الندب وكذلك إذا لم يفعل الثلث فإنما يستحق العقاب على واحد لان واحدا منها كان واجبا عليه دون الثلاثة فان قيل فأيها يستحق عليه الثواب إذا جمعت وأيها يستحق عليه العقاب إذا لم يفعل شئ منها قيل له لا يلزمنا بيان ذلك بل ما يعلمه الله تعالى من انه لا يتغير كونه واجبا إذا فعله مع غيره يثبت عليه ثواب الواجب واستحق العقاب بترك ذلك بعينه في والناس من قال انه يستحق الثواب على الأشق ثواب الواجب والعقاب على الأخف والأول عندي هو المعتمد فصل في ان الامر هل يقتضى الفور أو التراخي ذهب كثير من المتكلمين والفقهاء إلى ان الامر يقتضى الفور وهو المحكى عن أبي الحسن الكرخي وذهب كثير منهم إلى انه على التراخي وهو المحكى عن أبي علي وأبي هاشم وذهب قوم إلى أنه على الوقف وقال يحتمل أن يكون مقتضاه الفور والتراخي ويحتاج
(٨٥)