وان علم انه يتمكن منها في غد حتى يجب الا يحسن منا ان نأمر النجار باصلاح الباب الا بالآلة التي بها يصلحه في يده وهذا مما لا يحتاج إلى افساده لأنه معلوم ضرورة خلافه وهذه جملة كافية شافية في هذا الباب الكلام في النهى فصل في ذكر حقيقة النهى وما يقتضيه وجملة من احكامه النهى هو قول القايل لمن دونه لا تفعل كما ان الامر قوله له افعل وما دل على أحدهما دل على الاخر فالطريقة واحدة وانما يكون نهيا إذا كره الناهي المنهى عنه عند من قال بذلك والذي أقوله في ذلك ما قدمت ذكره في باب حقيقة الامر من ان هذه الصيغة وضعها أهل اللغة ليدلوا على ايجاب الامتناع من الفعل ثم ينظر في ذلك فان كان صادرا من حكيم دل على ان ذلك الشئ قبيح لأنه لا يوجب الامتناع مما هو حسن فهو إذا دلالة على القبيح وقد يرد هذه الصورة لا تفيد النهى على الحقيقة على ضرب من المجاز مثل ما قلناه في صيغة الامر ولاجل هذا قلنا في قوله تعالى لا تقربا هذه الشجرة ان صورته صورة النهى وليس ما تناوله قبيحا بل الأولى تركه وعبر عن ذلك بأنه نهى بقول تعالى ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة مجازا من حيث كانت صورته صورة النهى على الحقيقة الا ان هذا مجاز لا يثبت الا بدليل والأول هو الحقيقة والدلالة على ذلك ما دللنا به على صورة الامر سواء وشرائط حسن النهى يقارب حسن الامر على السواء فاما شرائط اقتضائه التكرار أو الامتناع مرة واحدة فأكثر المتكلمين والفقهاء ممن قال ان الامر يقتضى مرة واحدة ومن قال انه يقتضى التكرار قالوا في النهى انه يقتضى التكرار ومنهم من سوى بينهما وقال إن الظاهر؟
يقتضى الامتناع مرة واحدة وما زاد على ذلك يحتاج إلى دليل ومنهم من وقف في ذلك كما وقف في الامر والذي يقوى في نفسي ان ظاهره يقتضى الامتناع مرة واحدة وما زاد على ذلك يحتاج إلى دليل وانما قلنا ذلك من حيث ان النهى إذا كان دلالة على قبح المنتهى عنه إذا صدر من حكيم انما يدل على انه قبيح في الثاني لان مقتضاه الفور وما بعد ذلك من الأوقات لا يعلم ان الفعل فيها قبيح بل يحتاج إلى دليل فمن ادعى تساوى الأوقات في ذلك كمن ادعى تساوى الأوقات في اقتضاء الامر الفعل فيها وذلك باطل على بيناه وشبه (وشبهه) من قال انه يقتضى التكرار الرجوع إلى الشاهد وان النهى يقتضى ذلك وذلك غير مسلم بالاطلاق فان