وما كان خاصا بغير واحدة لا يتعداه التخصيص في المعنى واللفظ لا يصح فيه وهذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ان الشرط والاستثناء إذا تعلقا ببعض ما دخل تحت العموم لا يجب أن يحكم ان ذلك هو المراد بالعموم لا غير إذا ورد اللفظ عام وتعقبه شرط علم انه راجع إلى بعضه لا يجب أن يحمل اللفظ العام على ما تعلق ذلك الشرط به بل لا يمتنع أن يكون العام على عمومه و ان ذكر بعده شرط يرجع إلى بعضه وذلك نحو قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن فان ذلك عام في الطلاق والمطلقات ثم قال بعد ذلك لعل الله يحدث بعد ذلك امرا وذلك تخصيص الرجعى ولا يجب من ذلك حمل أول الآية عليه ومثل قوله لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ثم قال بعد ذلك الا أن يعفون فكان أول الآية عاما في جميع النسوة وان كان جواز العفو مخصوصا بمن يملك امره منهن ويصح عفوهن دون من لا يصح ذلك منه ولا يجب تخصيص أول الآية بهن بل كان عاما في سائر النساء وكذلك إذا ذكرت جملة عامة و عطف عليها جملة خاصة لا يجب من ذلك حمل الأدلة عليها بل يجب حمل الأولى على عمومها والثانية على خصوصها وذلك نحو قوله والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ثم قال بعد عاطفا على ذلك وبعولتهن أحق بردهن وذلك يختص الرجعيات ولا يجب من ذلك حمل أول الآية عليه بل كان عاما فيهن وفي غيرهن ممن لا يملك مراجعتهن ومثل ذلك قوله تعالى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم كان ذلك عاما في جميعهن ثم قال وأولات الأحمال ان يضعن حملهن ولا يجب من ذلك حمل أول الآية عليهن ولذلك نظائر كثيرة والذي ينبغي ان يحصل في هذا الباب انه إذا ورد لفظ عام ثم وصف بصفة أو شرط بشرط علم انه لا يصح ذلك الشرط ولا تلك الصفة في جميع اللفظ العام وجب حمل اللفظ العام عليه إذا كان الشرط أو الصفة متعلقين ببعض ما تناوله لم يجب ذلك وكان حكمه ما قدمناه في أول الباب فاما إذا كان الكلام في جملتين قد عطفت أحدهما على الأخرى فينبغي أن ينظر في الجملة الثانية فلا يخلو أن تكون متناولة لمثل ما تناوله الجملة الأولى أو لا تكون كذلك فان كانت متناولة لمثل ما تناولته الأولى فلا يخلو أن تكون موافقة أو مخالفة فان كانت موافقة له في الحكم فان ذلك يكون تأكيدا ويجب حملها على مثل ما حملت عليه الجملة الأولى وان كانت الجملة الثانية
(١٥١)