ان يقال غاية ما في هذا ان يجب ان يتعدى إلى أكثر من لفظ الخاص ولا يجب من ذلك تعدية إلى جميعهم فان قلنا لو لم يجب لم يحسن ان يجاب بذكر كل واحد منهم كان رجوعا إلى الدليل الذي قدمناه وان قلنا ليس بعضهم بذلك أولى من بعض كان ذلك رجوعا إلى دليل التقسيم الذي قدمناه وقد استدل المخالف على صحة مذهبه بأن قال وجدت (وجرت خ ل) هذه الالفاظ تستعمل في الخصوص كما تستعمل في العموم بل استعمالها في الخصوص أكثر لأنه ليس في جميع ألفاظ القران لفظة تفيد الاستغراق الا قوله والله بكل شئ عليم فوجب أن تكون اللفظة مشتركة فيهما قيل له قد بينا ان مجرد الاستعمال لا يدل على الاشتراك لان المجاز مستعمل كما ان الحقيقة مستعملة فلا يمكن ان يستدل بالاستعمال على واحد من الامرين ويحتاج في اثبات أحدهما إلى الرجوع إلى امر اخر واما قولهم انهم لا يجدوا في ألفاظ القران لفظة تفيد الاستغراق الا لفظة واحدة فليس إذا قل استعمال الحقيقة فيما هو حقيقة فيه وكثر استعماله في المجاز دل على انه ليس بحقيقة فيه الا ترى انه لم تجد (تجر خ ل) عادتهم في استعمال لفظة الدابة في كل ما دب بل صار بالعرف لا يستعمل الا في دابة بعينها ولا يدل ذلك على انهم لم يضعوا هذه اللفظة في الأصل لكل ما يدب فعلم بذلك ان قلة الاستعمال لا يدل على ان اللفظة ليس بحقيقة وعندنا ان الحكيم تعالى إذا استعمل هذه اللفظة فيما دون الاستغراق فلابد من أن يدل عليه دالا لم يحسن منه ذلك واستدلوا أيضا بحسن الاستفهام عن هذه الالفاظ قالوا انها مشتركة والا لم يحسن وقد قلنا اما عندنا في ذلك فيما مضى فأغنى عن الإعادة واستدلوا أيضا بان قالوا لو كان ذلك مفيدا للاستغراق لما حسن أن يؤكد لان المؤكد قد أنبأ عن المراد فتأكيده عبث والجواب عن ذلك انا قد بينا ان التأكيد دليل لمن قال بالاستغراق ولو لزم هذا (بهذا خ ل) الاعتبار أن لا يكون اللفظ موضوعا للاستغراق لوجب في ألفاظ الخصوص وألفاظ الاعداد مثله لأنا كما (كذا خ ل) وجدناهم يؤكدون ألفاظ الخصوص و ألفاظ الاعداد كما يؤكدون ألفاظ العموم فأي شئ أجابوا به عن ذلك فهو جوابنا بعينه واستدلوا أيضا بان قالوا لو كانت هذه الالفاظ تفيد الاستغراق لما حسن الاستثناء منها وكانت تكون نقصا لان هذه اللفظة تجرى عندكم مجرى تعداد الأسماء فكما لا يجوز
(١١٢)