وأيضا فلو كان لواحد لا بعينه لكان المسائل إذا استفهم فقال من عندك لم يحسن ان يجاب بذكر نفسين أو ما زاد عليهما لان السؤال وقع عن واحد وقد علمنا خلاف فلم يبق بعد ذلك الا انها مستغرقة لجميع العقلاء واستدلوا أيضا على ذلك بأن قالوا وجدنا العموم قد اكد بلفظ لا يؤكد به الخصوص الا ترى انهم يقولون رأيت القوم أجمعين ورأيت زيدا نفسه ولا يحسن ان يقول القائل رأيت القوم نفسه ولا رأيت زيدا أجمعين فلما ثبت هذا دل على معناهما يختلف ولا يختلفان الا بأن يكون أحدهما عاما والاخر يكون خاصا ويمكن الاعتراض على هذا الدليل بأن يقال انما لم يحسن ان يقال رأيت زيدا أجمعين لان زيدا يختص شخصا واحدا فلا يجوز ان يؤكد بما يختص الجماعة وان كانت غير مستغرقة وكذلك انما لم يحسن ان يقال رأيت القوم نفسه لان القوم يفيد جماعة وان لم يفيد جميعهم فلا يجوز أن يؤكد بما يؤكد به شخص واحد وربما رتبوا دليل الاستفهام على وجه اخر فقالوا قد علمنا انهم لما استطالوا ان يستفهموا عن العقلاء بذكر أسمائهم فيقولوا أزيد عندك أعمرو عندك أخالد عندك وضعوا لفظة من نائبة عن تعداد الأسماء لما شق عليهم ذلك فيجب ان تكون مستغرقة لجميعهم كما انهم لو عدوا ذكر جميعهم على التفصيل لو أمكن لكان ذلك شاملا لهم ورتبوا مثل هذا في المجازاة وقالوا استطالوا ان يقولوا ان دخل زيد وعمرو وخالد وبكر دارى أكرمتهم وضعوا لفظ من عوضا عنه فقالوا من دخل دارى أكرمته فينبغي أن تكون مستغرقة وهذه طريقة قريبة غير انه يمكن أن يقال عليها لا نم انهم وضعوا بهذه اللفظة بدلا عن تعداد جميع الأسماء بل لا يمتنع أن يكونوا وضعوها لجماعة لا بأعيانهم فان قلنا جوابا عن ذلك لو كان كذلك لم يحسن ان يجاب بذكر كل واحد من العقلاء كان ذلك رجوعا إلى الطريقة الأولى التي قدمناها وقالوا أيضا لما كان الاستفهام بلفظ الخاص يختص شخصا بعينه ولا يتعدى إلى غيره فينبغي أن يكون الاستفهام بلفظ العموم بالعكس من ذلك وهو ان يتعدى إلى غيره وليس بأن يتعدى إلى قوم أولى من أن يتعدى إلى آخرين فيجب أن يتعدى إلى جميعهم وهذا أيضا مثل الأول لأنه يمكن أولا ان يقال ان هذا قياس والقياس في اللغة لا يجوز والثاني
(١١١)