بالستة وقد أجاب بعض من نصر المذهب الذي اخترناه عن شبهة الاستثناء من الاستثناء بأن قال الاستثناء من الايجاب نفى ومن النفي ايجاب ومحال أن يكون الشئ الواحد مثبتا منفيا وهذا ليس بصحيح وذلك ان الحال هو أن ينفى الشئ عن الحد الذي أثبت وذلك ليس بموجود ههنا لان الاستثناء من الجملة الأولى التي هي مثله نفى والاستثناء من الجملة المنفية اثبات وهما جملتان متباينتان فلا تنافى بين ذلك فيهما والمعتمد ما قلناه من الوجهين وقد استدل كل واحد من الفريقين بأشياء وجدوها موافقة لما يذهبون إليه اما من رجوع الاستثناء إلى ما يليه أو رجوعه إلى جميع ما تقدم لا يمكن الاعتماد عليها لان لقائل أن يقول ان ذلك انما علم بدليل اخر غير الوجود فالمقول (فالقول خ ل) على الوجود لا يمكن لأنه يعارض الوجود ومخالف له وهذه شبهة من خالف وقال بالوقف في ذلك على ما قلناه فعلم بذلك لان المعول على ما قلناه فصل في ذكر جملة من احكام الشرط وتخصيص العموم به اعلم ان من حكم الشرط الا يدخل الا على المنتظر اما لفظا أو تقديرا لان ما وجد مما مضى أو وجد الحال لا يصح دخول الشرط فيه ومن حقه أن يخص الشروط (المشروط) الا أن يقوم دليل على أنه دخل للتأكيد فيحمل عليه ويخرج المعنى من أن يكون شرطا فاما ما يخص للشروط فنحو قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا ونحو قوله تعالى فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا ولا فرق بين أن يكون الشرط متقدما أو متأخرا في أنه يخصص المشروط وذهب النحويون إلى أنه متى تأخر فالمراد به المتقدم لان له صدر الكلام ويقوى في نفسي انه لا فرق بين تقدمه وتأخره ولا يمتنع أن يجعل الشرط الواحد شرطا في أشياء كثيرة كما لا يمتنع أن يكون الشرط الواحد مشروطا بشروط كثيرة وذلك مثل قول القائل من دخل دارى واكل طعامي وشرب شرابي فله درهم فإنه يستحق الدرهم إذا دخل الدار واكل وشرب فاما بواحد منها فلا يستحق ذلك وكذلك يصح أن يقول ان دخلت الدار فلك خلعة ودراهم وطعام فإنه متى دخل استحق لجميع ذلك فتارة يكون الشرط واحد والمشروط أشياء وتارة يكون الشرط أشياء والمشروط واحدا وكل ذلك جائز وقد الحق هذا الباب تعليق الحكم بغاية لأنها تصير بمنزلة الشرط في ثبوت ذلك أو نفيه وذلك نحو قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن لأنه جعل تعالى نفى التطهير شرطا في خطير قربهن
(١٢٨)