ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا هذا إذا لم يكن هناك ما يدل على انهما دخلا على العهد فان دل دليل على ذلك حمل اللفظ عليه قال أبو على مثل ذلك في اسم الجنس وأسماء الجموع وامتنع من القول به في الأسماء المشتقة وقال أبو هاشم خاصة لا يدل في هذه المواضع كلها على الاستغراق بل يدل الألف واللام اما على العهد أو على تعريف الجنس فاما الاستغراق فلا يدل على ذلك الا ان يقترن به دليل يدل عليه نحو قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله ان الفجار لفي جحيم وقوله اقتلوا المشركين ان جميع هذه المواضع المراد به الاستغراق لان الكلام خرج مخرج الزجر والزجر حاصل في الجميع كما هو حاصل في كل واحد منهم فلأجل ذلك حملته على الجميع وفي الناس من قال ان الذي ادعاه أبو هاشم من تعريف الجنس غير معقول أصلا ولا يفهم من الألف واللام الا الاستغراق أو العهد فهذا جملة الخلاف بين من قال بالعموم في هذه الالفاظ فاما من قال بالخصوص أو بالوقف فقولهم في هذه الالفاظ مثل قولهم فيما مضى على السواء والذي اذهب إليه هو الأول والذي يدل على ذلك حسن الاستثناء في جميع هذه الالفاظ الا ترى انه يحسن ان يقال ان الانسان لفي خسرا الا زيدا وعمروا فيستثنى كل واحد من الناس من اللفظ الأول وكذلك إذا قال رأيت الرجال يحسن ان يستثنى كل واحد منهم وكذلك يحسن الاستثناء من قوله اقتلوا المشركين وقوله ان الفجار لفي جحيم ومن قوله ويقول الكافر وما جرى مجرى ذلك من الالفاظ وقد بينا في الباب الأول ان من حق الاستثناء ان يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته وفي ذلك اقتضاء هذه الالفاظ الاستغراق فان دفعوا حسن الاستثناء في هذه المواضع دفعهم أصحاب الخصوص والوقف عن دخوله فيما مضى من الالفاظ فان قالوا يحسن دخوله ولا يدل على الاستغراق قال لهم أصحاب الخصوص والوقف مثل ذلك في من وما وإذا كان الكلام مع أصحاب الخصوص والوقف يكون (فيكون خ ل) الكلام على ما رتبناه في من وما على حد سواء فاما الذي اختاره أبو هاشم من انهما يقتضيان تعريف الجنس فلسنا نمنع من ان ذلك قد يراد في بعض الأحوال كما لا يمنع من ان يراد بهما المعهود على بعض الأحوال ولا يدل ذلك على انه يجب حملهما عليه ابدا
(١١٤)