يبين ذلك انه لما جاز ذلك في لفظه من كان تجويز ذلك في ألفاظ الجمع مثله سواء وقد أجاز أحدهما المخالف فينبغي أن يكون حكم الاخر مثله على ان استعمال ذلك لأهل اللغة ظاهر لأنهم استعملوا لفظ العموم في الواحد كما استعملوه في الثلاثة وأكثر من ذلك قال الله تعالى انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون فأخبر عن نفسه بنون الجمع وبالواو والنون وهو واحد وقال الشاعر انا وما اعني سواي انى فعبر عن نفسه بلفظ الجمع وقد تجاوزوا ذلك إلى ان عبروا بلفظ الألف عن الواحد كما روى عن عمر انه لما كتب إلى سعد بن أبي وقاص وقد انفذ إليه القعقاع بن شور مع الف رجل وقد أنفذت إليك الفي رجل فعبر عن القعقاع وحده بعبارة الألف لما اعتقده من انه يسد مسد الألف في الحرب وهذا واضح فصل في ذكر ما يخص في الحقيقة وما يخص في المعنى وما لا يجوز دخول التخصيص فيه الأدلة على ثلاثة اضرب منها ما هو عام من جهة اللفظ ومنها ما هو عام من جهة المعنى ومنها ما ليس بعام لا لفظا ولا معنى فاما ما هو عام لفظا فالتخصيص يجوز أن يدخله بجميع الأدلة التي ذكرناها التي يخص بها العموم وذلك لا خلاف فيه واما ما هو عام من جهة المعنى فعلى ضربين أحدهما قياس والاخر استدلال فاما القياس فعندنا انه ليس بدليل أصلا ومن قال انه دليل وأجاز تخصيص العلة جوز تخصيصه ومن لم يجز تخصيص العلة لم يجز ذلك فاما الاستدلال فنحو دليل الخطاب وفحوى الخطاب ونحو ان ينص النبي عليه واله السلم على حكم في عين ثم علم بالدليل ان حكم غيره حكمه فان التخصيص في جميع ذلك يجوز في المعنى وان لم يسم ذلك تخصيصا ومثل ذلك استدلالنا بجواز وطى أم الولد على ان الملك باق وإذا كان الملك باقيا وجب أن يتبعه جميع احكامه الا ما يخصه الدليل وغير ذلك من المسائل واما ما لا يدخله التخصيص أصلا لأنه ليس بعام لا لفظا ولا معنى فنحو أن ينص (ع) على عين واحدة أو يقدم على فعل واحد ويخص ذلك العين بذلك الحكم (فان خ ل) بان معنى التخصيص لا يسوغ فيه وذلك نحو تخصيصه (ع) ابا بردة بجواز أضحية (أضحيته خ ل) وما شاكله فإذا ثبتت هذه الجملة فمتى ورد عام لفظا جاز تخصيصه لفظا بالأدلة التي قدمناها وما ليس بعام فان كان المحتج به يحتج باللفظ منع من التعلق به وان احتج به في المعنى جاز أن يعترض عليه بجميع ما يخص به العموم وان لم يسم ذلك مخصصا
(١٥٠)