افعاله (ع) لأنها بالعكس من أوامره لان افعاله تختصه ولا يعلم انها متعدية إلى غيره الا بدليل وأوامره متعدية ولا يعلم تناولها له الا بدليل فاختلف الأمران فصل في ذكر الشروط التي يحسن معها الامر اعلم انه لا يحسن الامر الا بعد ان يكون الامر على صفة والمأمور على صفة والامر به على صفة فإذا اجتمع ذلك كله حسن الامر ومتى اختل شئ من ذلك لم يحسن ونحن نبين جميع ذلك اما ما يجب ان يكون عليه الامر فان كان ممن يعلم العواقب وهو الله تعالى فلابد من ان يكون عالما بان المأمور يتمكن من أداء ما امر به ويعلم ان المأمور به على وجه يحسن الامر به ويعلم انه مما يستحق بفعله الثواب ويكون غرضه وصوله إلى الثواب واما إذا كان الامر مما لا يعلم العواقب من الواحد منا فإنه يحسن منه الامر إذا ظن في المأمور ما ذكرناه بان يشرط أداؤه ان قدر عليه لأنه إذا لم يعلم العواقب فان الظن يقوم له مقام العلم ولو لم يحسن مع الظن لما حسن من الواحد منا ان يأمر غيره البتة لأنه لا طريق له إلى العلم بأنه يقدر عليه أو لا يقدر عليه في المستقبل ولابد ان يعلم حسن المأمور به ويقصد بذلك وجها حسنا ولا يقوم الظن في ذلك مقام العلم والشرط لا يدخل في ذلك كما دخل في كونه قادرا ولاجل هذا لا يحسن منا ان نأمر غيرنا بفعل في الغد الا بشرط ان يكون قادرا عليه في الغد ولا يجوز ان نأمره بفعل لا نعلم حسنه في الحال فبان الفرق بين الامرين ولو ان قائلا سوى بين حسن الشرط في الامرين لم يكن ذلك بعيدا لان الواحد منا يأمر غلامه بان يرد وديعة انسان عليه في الغد ولابد من اشتراط كونه قادرا عليه في حال الرد ولابد من شرط كونه حسنا في ذلك الوقت أيضا لأنه لو عرض في حال الرد وجه من وجوه القبح من غصب ظالم لها أو غير ذلك من وجوه الفساد لم يحسن ردها في تلك الحال فاما القصد بذلك وجها من وجوه الحسن فلابد منه على كل حال ومن الناس من جوز في القديم تعالى أيضا ان يأمر بشرط ان يبقى على كونه قادرا قبل حال الفعل بوقت والا يمنعه منه والصحيح الأول لان الشرط انما يصح فيمن لا يعلم العواقب فاما من يعلمها فلا محسن منه ذلك ومتى قيل انه يحسن ذلك الامر بذلك لطفا لغير ذلك المكلف كان ذلك أيضا فاسدا باطلا لأنه لا يخرج من ان يكون المأمور نفسه ذلك الفعل مصلحة
(٩٣)