انا نقول انه يجب عليه ان يفعله في الثاني على ما نذهب إليه في الفور فسقط السؤال ومن قال بالتراخي يقول هو مخير في الأوقات كلها ومن قال بالوقف قال ينتظر بيان وقت الفعل وليس لاستغراق الأوقات فيه ذكر فيدعى فيه العموم وتعلقوا أيضا بان قالوا لو لم يقتض التكرار لما أصح النسخ لان معنى النسخ هو إزالة مثل الحكم الثابت بالنص الأول في الثاني بنص اخر على وجه لولاه لكان ثابتا به مع تأخره عنه ولو كان الامر يقتضى الفعل مرة واحدة لما صح ذلك على حال والجواب عن ذلك ان النسخ انما يصح إذا دل دليل غير الظاهر على انه أريد به التكرار فاما إذا تجرد عن ذلك فلا يصح فيه النسخ على حال وتعلقوا أيضا بان قالوا وجدنا أوامر القران كلها على التكرار فوجب أن يكون ذلك بمقتضى الامر والجواب عن ذلك انا لا نم ان أوامر القران كلها على التكرار لان فيها ما يقتضى الفعل مرة واحدة وهو الامر بالحج على ما بيناه فاما ما يقتضى منها التكرار فبدليل غير الظاهر وهو الاجماع فمن أين لهم ان ذلك بمقتضى الامر فهذه الجملة التي ذكرناها تأتى على جميع ما يتعلق بهذا الباب فصل في ان الامر المعلق بصفة أو شرط هل يتكرر بتكررهما أم لا ذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين إلى انه لا يتكرر بتكرر الشرط والصفة وانه يقتضى الفعل مرة واحدة متعلقة عنه الشرط والصفة ومنهم من قال ان ذلك يوجب التكرار والذي اذهب إليه هو الأول الذي يدل على ذلك ان القايل إذا قال لغلامه إذا دخلت السوق اشتر الفاكهة لو يعقل شراء الفاكهة كلما دخل السوق وانما يعقل ذلك مرة واحدة حتى انه لو فعل دفعة أخرى لا استحق التوبيخ والذم ويدل أيضا على ذلك انه إذا ثبت ان الامر المطلق يقتضى الفعل مرة واحدة فتعليقه بشرط أو صفة انما يقتضى ايقاع ذلك الفعل عند حصول الشرط أو الصفة وتخصيصه بهما ولو اقتضى ذلك التكرار لاقتضى مطلق الامر وقد دللنا على خلاف ذلك ويدل أيضا على ذلك ان القايل إذا قال لوكيله طلقها إذا دخلت الدار فلا خلاف ان ذلك لا يقتضى جواز طلاقها كلما دخلت الدار وانما يقتضى جواز ايقاع الطلاق عند دخولها الدار أولا وإذا ثبت ذلك فأوامر الله تعالى ينبغي أن يكون هذا حكمها لان حقيقة الامر لا يتغير وقد تعلق من خالف في ذلك بأشياء منها ان قالوا ان الحكم المعلق بالصفة أو الشرط يجرى مجرى تعليله بالعلة فكما ان الامر بالمعلق بالعلة يقتضى التكرار عند تكرير لعلة فكذلك القول في الشرط والصفة والجواب عن ذلك
(٧٩)