في الواحد انه تثنية أو جمع وقد علمنا خلاف ذلك ويدل على ذلك أيضا انهم يقولون للاثنين فعلا إذا أمروهما وللجماعة افعلوا ويثنون بالألف ويجمعون بالواو وعلى مذهب الخصم كان يجب أن لا يكون بينهما فرق ويدل أيضا على ذلك انهم يفسرون بلفظ الجمع عدد الثلاثة فيقولون ثلاثة رجال ولا يفسرون به الاثنين بل يقولون رجلان فعلم بجميع ذلك الفرق بينهما وأيضا فان السامع إذا سمع المتكلم يقول رأيت رجالا لا يفهم من ذلك ولا يسبق إلى قلبه الا ثلاثة ولا يسبق إلى قلبه اثنان أصلا فعلم ان الحقيقة ما قلناه فاما من خالف في ذلك فإنه يستدل بأشياء منها ان الجمع مأخوذ من ضم شئ إلى شئ وذلك موجود في الاثنين فينبغي أن يكون جمعا والجواب عن ذلك انا لا ننكر ان يكون أصل الاشتقاق ما ذكروه لكن صار بعرف اللغة ومواضعتهم مخصوصا ببعض ذلك وهو إذا كانوا ثلاثة منضمين فهو جمع وجرى ذلك مجرى قولهم دابة في انه موضوع في أصل اللغة لكل ما يدب ثم صار بعرف اللغة مخصوصا لدابة بعينها فكذلك لفظ الجمع على انه انما (انا) نريد بقولنا أقل الجمع ثلاثة ان احكام الثلاثة لا تجرى على الاثنين واحكام الاثنين لا تجرى على الثلاثة على ما بيناه فان سلموا ذلك وقالوا مع ذلك الاثنان من حيث الاشتقاق كان ذلك خلافا في عبارة لا يعتد بمثله واستدلوا أيضا بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال الاثنان فما فوقهما جماعة فسماهما جماعة والجواب عن ذلك ان قوله (ع) ينبغي ان يحمل على الاحكام لأنها المستفادة من جهته (ع) ولا يحمل على الأسماء لأنها مستفادة معلومة باللغة وقد قيل في معناه شيئان أحدهما انه كان نهى عن خروج الرجل وحده في السفر ثم أباح ذلك في الاثنين فخرج عند ذلك ان حكم الاثنين في جواز السفر حكم الثلاثة وما زاد على ذلك والوجه الاخر انه أراد بذلك فضيلة الجماعة في الصلاة لان حكم الاثنين في انعقاد الجماعة بهما وحصول الفضل لهما حكم الثلاثة وما زاد على ذلك فينبغي أن يحمل الخبر عليهما و منها قوله تعالى وكنا لحكمهم شاهدين وعنى بذلك داود (ع) وسليمان وهما اثنان ومنها قوله تعالى إذ دخلوا على داود وانما أراد به الخصمين والجواب عن ذلك من وجهين أحدهما ان ذلك مجاز وكلامنا في الحقيقة وجرى ذلك مجرى قولنا انا نحن نزلنا الذكر وانا
(١١٧)