ما يخالفه ويكون فتيا الطائفة به فما هذا حكمه يكون مجمعا على صحته ويجوز العمل به وتخصيص العموم به وان كان هناك ما يخالفه من الاخبار فالعمل بما يطابق العموم أيضا أولى لأنه يصير معلوما صحته مثل العموم وبينا ان ذلك وجه يرجح به أحد الخبرين على الاخر وان كان خبر لا نعلم فتيا الطائفة أصلا فيه وهناك عموم يقتضى خلافه فالعمل بما يقتضى العموم أولى بما قدمناه من الدلالة فصل في ذكر تخصيص العموم بالقياس اعلم ان الكلام في هذه المسألة قد سقط عنا لأنا لا نجيز العمل بالقياس لا ابتداء ولا فيما يخص العموم وانما الخلاف في ذلك بين من أثبت القياس فان فيهم من أجاز تخصيص العموم به على كل حال إذا صح القياس بشروطه وهو مذهب أكثر الفقهاء وهو مذهب الشافعي والمحكى عن أبي الحسن واليه ذهب أبو هاشم أخيرا ومنهم من أبي تخصيص العموم به على كل وجه وهو مذهب أبي على وبه قال أبو هاشم أولا وقد قال به بعض الفقهاء ومنهم من قال يخص بالقياس الجلى ولا يخص بالخفي وهو مذهب بعض أصحاب الشافعي ومنهم من قال انه يخص بذلك إذا دخله التخصيص وسوغ فيه الاجتهاد ولا يجوز تخصيصه إذا كان باقيا على عمومه والأقوى من هذه الأقاويل إذا فرضنا العبادة بالقياس قول أبي علي وهو أنه لا يجوز تخصيص العموم به على كل حال والذي يدل على ذلك ان العموم دليل يوجب العلم والقياس عند من قال به يوجب غلبة الظن ولا يجوز أن ينتقل عما طريقة العلم إلى ما يقتضى غلبة الظن فليس لهم أن يقولوا إذا ثبت ان القياس دليل كان تخصيص العموم به معلوما وذلك انا قد بينا الجواب عن مثل هذا السؤال في الباب الأول بأن قلنا خبر الواحد دليل شرعي وكذلك نقول ان القياس دليل شرعي فينبغي أن يثبت في الموضع الذي استعملته الصحابة وقررته الشريعة وانما ثبت عنهم على زعمهم استعمل القياس فيما لا نص فيه من احكام الحوادث ولا يمكنهم أن يدعوا انهم استعملوه فيما يخص العموم لان هذه الدعوى لا برهان عليها ودون ذلك خرط القتاد ويدل أيضا على ذلك ان النسخ قد ثبت انه لا يجوز به فكذلك يجب أن يكون حكمه حكم التخصيص وليس لهم ان يقولوا انه كان يجوز النسخ بالقياس غير انه منع منه الاجماع وذلك انهم متى ارتكبوا ذلك قيل لهم لا يجوز من الحكيم تعالى أن ينزل نصا ويجعل القول به والعمل بمقتضاه موقوفا على اجتهاده وانما يسوغ الاجتهاد في صرفه إلى وجه دون وجه فان قالوا (وليس لهم ان يقولوا خ ل) هذا الذي ذكرتموه من الجواب عن
(١٣٩)