بذكر آحاد العقلاء وقد علمنا خلاف ذلك فان قالوا إذا ثبت ذلك في الاستفهام لم زعمتم ان حكم غير الاستفهام حكمه في المجازات وغيرها قيل له غرضنا بهذا الدليل ان يثبت ان ههنا لفظا موضوعا للاستغراق في اللغة ليبطل به مذهب من قال انه ليس كذلك أو قال بالاشتراك فاما ثبوتها في كل حال فنعلمه بالاجماع وهو ان كل من قال ان هذه اللفظة مستغرقة في الاستفهام قال انها كذلك في المجازات فمن فرق بينهما كان مخالفا للاجماع والقول في لفظة ما ومتى وأين واي إذا وقعت للمجازاة أو الاستفهام حكم ما ذكرناه في من على السواء فاما إذا وقعت من وما معرفة فلا يدل على الاستغراق بل تكون مصروفة إلى ذلك المعروف بعينه ولاجل هذا يحتاجون إلى صلة كصلة الذي لما كانت الذي معرفة وذلك نحو قول القائل ضربت من عندك أو اكلت ما أكلت وما يجرى مجرى ذلك ولا يتم فائدتهما الا بالصلة على ما بيناه ويدل أيضا على صحة ما ذهبنا إليه ان أهل اللغة عدوا العموم من اقسام الكلام وكذلك الخصوص وفرقوا بينهما وقالوا هذا الكلام خرج مخرج العموم وهذا الكلام خرج مخرج الخصوص فدل ذلك على ان فائدتهما تختلف وعلى مذهب الخصم كلاهما سواء فينبغي أن نحكم ببطلان ذلك وجرى مجرى فصلهم بين صيغة الامر والنهى والخبر وغير ذلك من اقسام الكلام فكما ان لكل شئ من ذلك صيغة موضوعة ينبغي أن يكون حكم العموم مثله سواء وان نازعوا في جميع ذلك فقد دللنا على ثبوته فيما تقدم فلا فائدة في اعادته واستدل كثير من الفقهاء والمتكلمين على ذلك بان قالوا قد ثبت ان العموم معقول والحاجة إلى استعماله ماسة فلابد أن يكونوا وضعوا لذلك عبارة يلتجئون إليها عند الحاجة إلى ذلك كما انهم وضعوا لسائر اقسام الكلام وقد قلنا ما عندنا في هذه الطريقة واستدلوا أيضا بان قالوا لا يخلو لقطة من أن يكون موضوعة لغير العقلاء أو لبعض العقلاء أو لكل واحد منهم على البدل أو لجميعهم على جهة الاستغراق قالوا ولا يجوز أن تكون موضوعة لغير العقلاء لان ذلك معلوم خلافه وهو متفق عليه أيضا ولا ان تكون موضوعة لبعضهم لأنه ليس بعضهم بان يتناوله أولى من بعض ولا أن تكون موضوعة لواحد لا بعينه لمثل ما قلناه ولأنه لو كان كذلك يجرى مجرى أسماء النكرات وقد علمنا خلاف ذلك
(١١٠)