له لحافظون ونحو قوله وكنا لحكمهم شاهدين ولا خلاف ان لفظ الجماعة في الواحد مجاز فلو لزم ما قالوه للزم أن يكون ذلك حقيقة في الواحد وللزم في قوله وهل اتيك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب لان لفظ الخصم لفظ الواحد ومع ذلك قد اخبر عنه بلفظ الجمع وذلك مجاز بلا خلاف والوجه الثاني ان قوله وكنا لحكمهم شاهدين أراد به داود وسليمان والمحكوم عليه والخصم وهم جماعة فلأجل ذلك اخبر عنهم بلفظ الجمع وكذلك قالوا في قوله تعالى خصمان بغى بعضنا على بعض انه أراد به جنس الخصمين لان لفظة خصم لفظ المصدر ويقع (ويطلق) على الواحد والجماعة والذكر والأنثى على حد واحد لأنهم يقولون رجل خصم وامرأة خصم و نساء خصم كل ذلك بلفظ واحد وإذا ثبت ذلك كان قوله خصمان لا يختص بالاثنين دون (من) ما زاد عليهما فلأجل ذلك اخبر عنهما بلفظ الجماعة وقووا ذلك بان قالوا قال في أول الآية وهل اتيك نبأ الخصم إذا تسوروا المحراب فأخبر عن الخصم بكناية الجماعة فعلم بذلك انه أراد الجنس دون الواحد وعلى الوجهين جميعا سقط التعلق بالآيات فصل في معنى قولنا ان العموم مخصوص وان الله تعالى يجوز أن يريد بالعام الخاص معنى قولنا العموم مخصوص هو انه استعمل في بعض ما وضع له دون بعض وذلك مجاز لان حقيقة المجاز ثابتة فيه وشبه ذلك بالمخصوص الذي وضع في الأصل للمخصوص وإذا استعمل في بعض ما وضع له في الأصل لا يصير حقيقة فيه لأنا قد دللنا على ان للعموم صيغة وان حقيقتها الاستغراق فمتى استعمل في غير ذلك ينبغي أن يكون مجازا لان حقيقة المجاز هو أن يستعمل اللفظة في غير ما وضعت له وهذا موجود في العموم إذا أريد به الخصوص فينبغي أن يكون مجازا ولهذا لا يقولون لمن خاطب وأراد به بعض ما تناوله انه مخاطب بالخصوص ولا انه خص الخطاب كما يقولون ذلك في الالفاظ الخاصة فعلم ان ذلك مجاز فاما إذا قيل فلان خص العموم فالمراد بذلك انه علم من حالة المخصوص بدليل دله على ذلك ويقال فيمن اعتقد ذلك أيضا فيه وان لم يكن اعتقاده علما وقد استعمل كثير من الفقهاء لفظ التخصيص فيما ليس بعام إذا علم بالدليل انه عام مثل الافعال وغيرها ونحن نبين ذلك فيما بعد ان شاء الله تعالى ويفارق قولنا ان العام مخصوص (امر افعال النبي صلى الله عليه وآله) لقولنا ان الخطاب منسوخ في
(١١٨)