الدليلين وابطاله أو ابطالهما معا والعدول إلى الاخر وكل ذلك فاسد والضرب الاخر وهو الذي لا يوجب العلم وهو على ضربين خبر واحد وقياس فاما الخبر الواحد فنذكر ما عندنا في ذلك في باب مفرد واما القياس فلا يجوز العمل به أصلا لا في تخصيص العام ولا غيره من الاحكام ونحن ندل على ذلك فيما بعد ان شاء الله تعالى ومن خالفنا من الفقهاء الذين أوجبوا العمل بالخبر الواحد و القياس اختلفوا في جواز تخصيص العموم به وسنذكر اختلافهم من ذلك فيما بعد ان شاء الله تعالى وهذه جملة كافية شافية في هذا الباب فصل في ذكر جملة من احكام الاستثناء ذهب المتكلمون بأجمعهم والفقهاء المحصلون إلى ان من شرط الاستثناء أن يكون متصلا بالكلام ولا يجوز انفصاله عنه وحكى عن ابن عباس انه كان يذهب إلى انه كون ما خبره عن حال الخطاب وذلك مستبعد من قوله والذي يدل على صحة ما قلناه أولا ان أهل اللغة لا يعدون ما انفصل عن الكلام استثناء كما لا يعدون ما تقدم كذلك فلو جاز لاحد أن يخالف في المتأخر فيسميه استثناء جاز لغيره أن يخالف في المتقدم فيسميه استثناء ويدل أيضا على ذلك ان الاستثناء متى انفصل عن حال الخطاب لا يفيد أصلا فكيف يجوز أن يكون استثناء من الكلام المتقدم فان قالوا الاستثناء متأخر ولا يستقل بنفسه فلا يفيد فإنه يجوز أن يقرن به من الكلام ما يدل على انه متعلق بالكلام الأول فيفيد ويتعلق به قيل له إذا كان لا يفيد بنفسه وانما يتعلق بالكلام الأول بلفظ يقترن به فقد صار المخصص للكلام الأول اللفظ الذي اقترن بالاستثناء وإذا كان كذلك فلا معنى للاستثناء وكان استعماله لغوا وليس لهم أن يقولوا ان القائل إذا قال رأيت القوم ثم قال بعد زمان الا زيدا وقال أردت بهذا استثناؤه من اللفظ الذي أفاد انه غير داخل في الجملة الأول ولو لم يذكر الاستثناء أصلا و اقتصر على هذا القول المقترن به لما أفاد ذلك فعلم بذلك ان التخصيص يقع بلفظ الاستثناء وانما يعلم بالكلام المقترن به تعلقه بالأول وذلك ان هذا متى كان على ما ذكر يفيد غير انه لا يحسن من وجهين أحدهما ان بيان تخصيص العموم لا يجوز ان يتأخر عن حال الخطاب على ما سنبينه فيما بعد وإذا لم يجز ذلك لم يحسن (ذلك خ ل) هذا الوجه والثاني انه يؤدي إلى أنه لا يفهم بشئ من الكلام امر أصلا ولا باخبار النبي (ع) إذا اخبر عن نفسه أو اخبار الله تعالى إذا اخبر عما يفعله لأنا لاناء من
(١٢٣)