جواز تبيين سنة كما يقتضى جواز تبيين الكتاب وكما لا يمنع ذلك من أن يبين احكاما مبتداة فكذلك لا يمنع من أن يبين سنة يحتاج إلى تبيينها بسنة أخرى واما تخصيص الكتاب بالاجماع فيصحح أيضا بمثل ما قدمناه من الأدلة وقد وقع أيضا في مواضع كثيرة نحو اتفاقهم على ان العبد لا يرث فخص بذلك اية المواريث ونحو اجماعهم على ان العبد كالأمة في تنصيف الحد فخص به قوله تعالى الزانية والزاني وغير ذلك واما تخصيص الكتاب بأفعال النبي صلى الله عليه وآله فصحيح أيضا لان الدليل قد دل على ان فعله كقوله في وجوب الرجوع إليه في معرفة الاحكام فإذا ورد الكتاب بتحريم أشياء ثم وجدناه (ع) فاعلا لبعضها علمنا بفعله خصوص الكتاب ولذلك خص قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة برجمه ماعزا؟ وتخصيص قوله صلى الله عليه وآله بفعله صحيح أيضا بمثل ما قلناه وسندل فيما بعد على ان فعله ليس بمقصور عليه وانه كقوله وصحة ذلك يقتضى جواز التخصيص به وهذه الجملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر تخصيص العموم باخبار الآحاد اعلم ان من قال ان خبر الواحد لا يجوز العمل به فقوله خارج عن هذا الباب وانما الخلاف في ذلك ممن أوجب العمل به اختلف القائلون باخبار الآحاد في اثبات الاحكام في هذه المسألة فمنهم من أجاز تخصيص العموم بها على كل حال ما لم يمنع من ذلك مانع وهو مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين وهو الظاهر عن الشافعي وأصحابه وعن أبي الحسين وغيرهما ومنهم من قال يجوز تخصيصه بخبر الواحد إذا كان قد خص لأنه قد صار مجملا ومجازا وإذا دخله التخصيص لا يجوز أن يخص بها وهو مذهب عيسى بن ابان ومنهم من قال إذا خص العموم بدليل متصل مثل الاستثناء وما جرى مجراه لم يجز تخصيص العموم به لان ذلك حقيقة على ما حكيناه فيما تقدم وإذا خص بدليل منفصل جاز تخصيصه باخبار الآحاد لأنه قد صار مجازا والذي ذهب إليه لأنه لا يجوز تخصيص العموم بها على كل حال سواء خص أو لم يخص بدليل متصل أو منفصل وكيف كان و الذي يدل على ذلك ان عموم القرآن يوجب العلم وخبر الواحد يوجب غلبة الظن ولا يجوز أن يترك العلم للظن على حال فوجب لذلك أن لا يخص العموم به فان قيل إذا دل الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد كان وجوب التخصيص معلوما وان كان نفس الخبر مظنونا ويجرى ذلك مجرى قيام الدلالة على وجوب التنفيذ الحكم عند الشهادة وان كانت الشهادة
(١٣٥)