الجموع من الألف واللام فإنها تفيد ثلاثة فصاعدا لا بأعيانهم ويكون الثلاثة مقطوعا بهم وما زاد على ذلك مشكوكا فيه مجوزا وقد اختلف المتكلمون فيما ذكرناه من ألفاظ الجموع وألفاظ الأجناس فذهب أبو على وأكثر المتكلمين إلى ان هذه الالفاظ إذا كان فيها الألف واللام وجب حملها على الاستغراق إذا لم يكونا للعهد الا أن يدل دليل على انه أريد بهما البعض فيحمل عليه وذهب أبو هاشم إلى ان ذلك لا يفيد الاستغراق وانما يفيد في أسماء الأجناس تعريف الجنس المخصوص وفي أسماء الجموع الثلاثة فقط لان الحكيم لو أراد أكثر من ذلك لبينه و نحن نبين الصحيح من ذلك فيما بعد ان شاء الله تعالى واتفق هؤلاء وغير هؤلاء على تناول الجموع الثلاثة فصاعدا حقيقة وان أقل الجمع ثلاثة وذهب قوم إلى ان أقل الجمع اثنان والأول هو مذهب أكثر الفقهاء ومنها لفظ كل إذا دخلت في الكلام فإنها تفيد الاستغراق سواء دخلت للتأكيد أو لغير ذلك واما ما يدخل للتأكيد نحو قول القائل رأيت الرجال كلهم فان ذلك يفيد الاستغراق وما يدخل لغير التأكيد نحو قول القائل كل رجل جائني أكرمته وكل عبد لي فهو حر وعلى هذا قوله تعالى كما القى فيها فوج سألهم خزنتها فهذه جملة من الالفاظ المستعملة في العموم ونحن ندل على انها تفيد العموم على ما قلناه ونذكر اختلاف الناس في ذلك والكلام على شبههم في فصل يلي هذا الفصل انشاء الله تعالى فصل في ذكر العموم على ان العموم له صيغة في اللغة ذهب الفقهاء بأسرهم وأكثر المتكلمين إلى ان العموم له صيغة موضوعه في اللغة تختص به وقال قوم من المرجئة وغيرهم انه ليس للعموم صيغة أصلا بل كلما يدعى انه للعموم فهو للخصوص وانما يفيد أقل ما يمكن ان يكون مرادا وقال أكثر المرجئة ان هذه الالفاظ مشتركة بين العموم والخصوص حقيقة فيهما معا وفي الناس من قال انه يجب حمل اللفظ على الاستغراق فيما يتعلق بالامر والنهى ولا يجب ذلك في الاخبار والذي اذهب إليه هو الأول والذي يدل على ذلك ان من إذا استعملت في المجازات يحسن ان يستثنى منها كل واحد من العقلاء فلولا انها مستغرقة لهم والا لم يجز ذلك يبين ذلك انها لما لم تكن متناولة لغير العقلاء لم يحسن ان يستثنى منها من ليس بعاقل ومن دفع بان حسن الاستثناء في هذا الموضع لا يحسن مكالمته فان قيل انما حسن الاستثناء
(١٠٥)