اخراج الكلام مخرج الشك في اللفظ دون الحقيقة لضرب من المسامحة وحسم العناد كقوله: (وإنا أو إياكم لعلي هدى أو في ضلال مبين)، وهو يعلم أنه على الهدى، وأنهم على الضلال، لكنه أخرج الكلام مخرج الشك، تقاضيا ومسامحة، ولا شك عنده ولا ارتياب.
وقوله: (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين).
ونحوه 6 (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) أورده على طريق الاستفهام، والمعنى: هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم لما تبين لكم من المشاهد ولاح منكم في المخايل: (أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) تهالكا على الدنيا؟
وإنما أورد الكلام في الآية على طريق سوق غير المعلوم سياق غيره، ليؤديهم التأمل في التوقع عمن يتصف بذلك إلى ما يجب أن يكون مسببا عنه من أولئك الذين أصمهم الله وأعمى أبصارهم فيلزمهم به على ألطف وجه، إبقاء عليهم من أن يفاجئهم به، وتأليفا لقلوبهم، ولذلك التفت عن الخطاب إلى الغيبة، تفاديا عن مواجهتهم بذلك.
وقد يخرج الواجب في صورة الممكن، كقوله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا).
(فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده).