فيه بعضا ولم يعطف بعضا، لأن " غافرا " و " قابلا " يشعران بحدوث المغفرة والقبول، وهما من صفات الأفعال وفعله في غيره لا في نفسه، فدخل العطف للمغايرة لتنزلهما منزلة الجملتين، تنبيها على أنه سبحانه يفعل هذا ويفعل هذا. وأما شديد العقاب فصفة مشبهة، وهي تشعر بالدوام والاستمرار، فتدل على القوة، ويشبه ذلك صفات الذات.
وقوله: (ذي الطول)، المراد به ذاته، فترك العطف لاتحاد المعنى.
وقد جاء قليلا في غير الصفات، كقوله تعالى: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...) الآية، قال الزمخشري: العطف الأول كقوله: (ثيبات وأبكارا)، في أنهما جنسان مختلفان، إذا اشتركا في حكم لم يكن بد من توسيط العاطف بينهما، وأما العطف الثاني فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع، فكان معناه:
أن الجامعين والجامعات لهذه الصفات أعد لهم مغفرة. انتهى.
وقال بعضهم: الصفات المتعاطفة إن علم أن موصوفها واحد من كل وجه، كقوله:
(غافر الذنب وقابل التوب)، فإن الموصوف " الله "، وإما في النوع كقوله:
(ثيبات وأبكارا) فإن الموصوف الأزواج، وقوله: (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر)، فإن الموصوف النوع الجامع للصفات المتقدمة. وإن لم يعلم أن موصوفها واحد من جهة وضع اللفظ. فإن دل دليل على أنه من عطف الصفات اتبع كهذه الآية، فإن هذه الأعداد لمن جمع الطاعات العشر، لا لمن انفرد بواحدة منها، إذ الاسلام والإيمان كل منهما شرط في الآخر، وكلاهما شرط في حصول الأجر على البواقي، ومن كان مسلما مؤمنا فله أجره، ولكن ليس هذا الأجر العظيم الذي أعده الله في هذه الآية