(إنا لنراك في ضلال)، لأن نفي الواحد يلزم منه نفي الجنس البتة.
وقال الزمخشري: لأن الضلالة أخص من الضلال، فكان أبلغ في نفي الضلال عنه، فكأنه قال: ليس به شيء من الضلال، كما لو قيل [لك] لك تمرة؟
فقلت: ما لي تمرة.
ونازعه ابن المنير وقال: تعليله نفيها أبلغ [من نفي الضلال] لأنها أخص [منه] وهذا غير مستقيم، فإن نفي الأعم أخص من نفي الأخص، ونفي الأخص أعم من نفي الأعم، فلا يستلزمه لأن الأعم لا يستلزم الأخص. فإذا قلت: هذا ليس بإنسان لم يلزم سلب الحيوانية عنه، وإذا قلت: هذا ليس بحيوان، لم يكن إنسانا، والحق أن يقال: الضلالة أدنى من الضلال [وأقل]، لأنها لا تطلق إلا على الفعلة [الواحدة] منه، والضلال يصلح للقليل والكثير، ونفي الأدنى أبلغ من نفي الأعلى لامن جهة كونه أخص، بل من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.
* * * والثاني: كقوله تعالى: (وجنة عرضها السماوات والأرض)، ولم يقل " طولها "، لأن العرض أخص، إذ كل ماله عرض فله طول، ولا ينعكس. وأيضا إذا كان للشيء صفة يغني ذكرها عن ذكر صفة أخرى، تدل عليها كان الاقتصار عليها أولى من ذكرها، لأن ذكرها كالتكرار، وهو ممل، وإذا ذكرت فالأولى تأخير الدلالة على الأخرى، حتى لا تكون المؤخرة قد تقدمت الدلالة عليها.