تحذف الحرف، لكان ذلك اختصارا، واختصار المختصر إجحاف به، إلا إذا صح التوجه إليه، وقد جاز في بعض الأحوال حذفه لقوة الدلالة عليه. انتهى.
فمنه الواو، تحذف لقصد البلاغة، فإن في إثباتها ما يقتضى تغاير المتعاطفين، فإذا حذفت أشعر بأن الكل كالواحد: كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر)، تقديره: ولا يألونكم خبالا.
وقوله تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة)، أي ووجوه.
وخرج عليه الفارسي قوله تعالى: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا...) الآية. وقال: تقديره: " وقلت لا أجد "، فهو معطوف على قوله: " أتوك " لأن جواب " إذا " قوله: (تولوا).
ومنعه ابن الشجري في أماليه، وعلى هذا فلا موضع له من الإعراب، لأنه معطوف على الصلة، والصلة لا موضع لها من الإعراب، فكذلك ما عطف عليها.
وقال الزمخشري: هي حال من الكاف في " أتوك "، و " قد " قبله مضمرة كما في قوله:
(أو جاؤوكم حصرت صدورهم) أي إذا ما أتوك قائلا: لا أجد تولوا. وعلى هذا فله موضع من الإعراب لأنه حال.
قال السهيلي في أماليه: ليس معنى الآية كما قالوا، لأن رفع الحرج عن القوم ليس مشروطا بالبكاء عند التولي، وإنما شرطه عدم الجدة، والآية نزلت في السبعة الذين سمى أبو إسحاق، ولو كان جواب " إذا أتوك " في قوله: (تولوا وأعينهم تفيض) لكان من لم تفض عيناه من الدمع هو الذي حرج وأثم، وما رفع الله الحرج عنهم إلا لأن الرسول