السابع: كلمة " شركاء " ولم يقل " شريكا " وفاقا لمزيد ما فتحوا من اعتقادهم.
الثامن: لم يقل " جنا "، وإنما قال " الجن "، دلالة على أنهم اتخذوا الجن كلها وجعلوه من حيث هو صالح لذلك، وهو أقبح من التنكير الذي وضعه للمفردات المعدولة.
* * * الرابع: أن يدل عليه معنى الفعل الظاهر، كقوله تعالى: (انتهوا خيرا لكم)، أي وائتوا أمرا خيرا لكم، فعند سيبويه أن " خيرا " انتصب بإضمار " ائت " لأنه لما نهاه علم أنه يأمره بما هو خير، فكأنه قال: " وأتوا خيرا "، لأن النهي عن الشيء أمر بضده، ولأن النهي تكليف، وتكليف العدم محال، لأنه ليس مقدورا، فثبت أن متعلق التكليف أمر وجودي، ينافي المنهى عنه وهو الضد.
وحمله الكسائي على إضمار " كان " أي يكن الانتهاء خيرا لكم. ويمنعه إضمار كان، ولا تضمر في كل موضع، ومن جهة المعنى إذ من ترك ما نهى عنه فقد سقط عنه اللوم، وعلم أن ترك المنهي عنه خير من فعله، فلا فائدة في قوله " خيرا ".
وحمله الفراء على أنه صفة لمصدر محذوف، أي انتهوا انتهاء خيرا لكم. وقال: إن هذا الحذف لم يأت إلا فيما كان أفعل، نحو خير لك، وأفعل.
ورد مذهبه ومذهب الكسائي بقوله تعالى: (ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم)، لو حمل على ما قالا لا يكون خيرا، لأن من انتهى عن التثليث وكان معطلا لا يكون خيرا له. وقول سيبويه وائت خيرا يكون أمرا بالتوحيد الذي هو خير.
فلله در الخليل وسيبويه، ما أطلعهما على المعاني!