به نصب ولا لغوب.
المسألة الثالثة: احتج أصحابنا بهذه الآية على فساد القول بالمحابطة قالوا: لأنه تعالى أثبت كلا الأمرين على سبيل الجمع، فبين أن لها ثواب ما كسبت وعليها عقاب ما اكتسبت، وهذا صريح في أن هذين الاستحقاقين يجتمعان، وأنه لا يلزم من طريان أحدهما زوال الآخر، قال الجبائي: ظاهر الآية وإن دل على الإطلاق إلا أنه مشروط والتقدير: لها ما كسبت من ثواب العمل الصالح إذا لم تبطله، وعليها ما اكتسبت من العقاب إذا لم تكفره بالتوبة، وإنما صرنا إلى إضمار هذا الشرط لما بينا أن الثواب يجب أن يكون منفعة خالصة دائمة وأن العقاب يجب أن يكون مضرة خالصة دائمة، والجمع بينهما محال في العقول، فكان الجمع بين استحقاقيهما أيضا محالا.
واعلم أن الكلام على هذه المسألة مر على الاستقصاء في تفسير قوله تعالى: * (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) * (القرة: 264) فلا نعيده.
المسألة الرابعة: احتج كثير من المتكلمين بهذه الآية على أن الله تعالى لا يعذب الأطفال بذنوب آبائهم، ووجه الاستدلال ظاهر فيه، ونظيره قوله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (الأنعام: 164).
المسألة الخامسة: الفقهاء تمسكوا بهذه الآية في إثبات أن الأصل في الإمساك البقاء والاستمرار، لأن اللام في قوله * (لها ما كسبت) * يدل على ثبوت هذا الاختصاص، وتأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: " كل امرئ أحق بكسبه من والده وولده وسائر الناس أجمعين " وإذا تمهد هذا الأصل خرج عليه شيء كثير من مسائل الفقه.
منها أن المضمونات لا تملك بأداء الضمان، لأن المقتضي لبقاء الملك قائم، وهو قوله: * (لها ما كسبت) * والعارض الموجود، إما الغضب، وإما الضمان، وهما لا يوجبان زوال الملك بدليل أم الولد والمدبرة.
ومنها أنه إذا غصب ساحة وأدرجها في بنائه، أو غصب حنطة فطحنها لا يزول الملك لقوله * (لها ما كسبت) *.
ومنها أنه لا شفعة للجار، لأن المقتضي لبقاء الملك قائم، وهو قوله * (لها ما كسبت) * والفرق بين الشريك والجار ظاهر بدليل أن الجار لا يقدم على الشريك، وذلك يمنع من حصول الاستواء ولأن التضرر بمخالطة الجار أقل ولأن في الشركة يحتاج إلى تحمل مؤنة القسمة وهذا المعنى مفقود في الجار.
ومنها أن القطع لا يمنع وجوب الضمان، لأن المقتضي لبقاء الملك قائم، وهو قوله * (لها ما