في قوله * (فاكتبوه) * إذ لو لم يذكر ذلك لوجب أن يقال: فاكتبوا الدين، فلم يكن النظم بذلك الحسن الثالث: أنه تعالى ذكره للتأكيد، كقوله تعالى: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) * (الحجر: 30) (ص: 73) * (ولا طائر يطير بجناحيه) * (الأنعام: 38) الرابع: فإذا تداينتم أي دين كان صغيرا أو كبيرا، على أي وجه كان، من قرض أو سلم أو بيع عين إلى أجل الخامس: ما خطر ببالي أنا ذكرنا أن المداينة مفاعلة، وذلك إنما يتناول بيع الدين بالدين وهو باطل، فلو قال: إذا تداينتم لبقي النص مقصورا على بيع الدين بالدين وهو باطل، أما لما قال: * (إذا تداينتم بدين) * كان المعنى: إذا تداينتم تداينا يحصل فيه دين واحد، وحينئذ يخرج عن النص بيع الدين بالدين، ويبقى بيع العين بالدين، أو بيع الدين بالعين فإن الحاصل في كل واحد منهما دين واحد لا غير.
السؤال الثالث: المراد من الآية: كلما تداينتم بدين فاكتبوه، وكلمة * (إذا) * لا تفيد العموم فلم قال: * (تداينتم) * ولم يقل كلما تداينتم.
الجواب: أن كلمة * (إذا) * وإن كانت لا تقتضي العموم، إلا أنها لا تمنع من العموم وهاهنا قام الدليل على أن المراد هو العموم، لأنه تعالى بين العلة في الأمر بالكتبة في آخر الآية، وهو قوله * (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا) * والمعنى إذا وقعت المعاملة بالدين ولم يكتب، فالظاهر أنه تنسى الكيفية، فربما توهم الزيادة، فطلب الزيادة وهو ظلم، وربما توهم النقصان فترك حقه من غير حمد ولا أجر، فأما إذا كتب كيفية الواقعة أمن من هذه المحذورات فلما دل النص على أن هذا هو العلة، ثم إن هذه العلة قائمة في الكل، كان الحكم أيضا حاصلا في الكل.
أما قوله تعالى: * (إلى أجل مسمى) * ففيه سؤالان:
السؤال الأول: ما الأجل؟.
الجواب: الأجل في اللغة هو الوقت المضروب لانقضاء الأمد، وأجل الإنسان هو الوقت لانقضاء عمره، وأجل الدين لوقت معين في المستقبل، وأصله من التأخير، يقال: أجل الشيء يأجل أجولا إذا تأخر، والآجل نقيض العاجل.
السؤال الثاني: المداينة لا تكون إلا مؤجلة فما الفائدة في ذكر الأجل بعد ذكر المداينة؟.
الجواب: إنما ذكر الأجل ليمكنه أن يصفه بقوله * (مسمى) * والفائدة في قوله * (مسمى) * ليعلم أن من حق الأجل أن يكون معلوما، كالتوقيت بالسنة والشهر والأيام، ولو قال: إلى الحصاد، أو